الحربش والطبطبائي.. و بتايا!
السبب الحقيقي كما يظن حضرة النائب المحترم في غلاء الأسعار، هو الفساد المنتشر في البلد ونسيان الناس ربهم، وهو ما استدعى غضباً وانتقاماً إلهياً تسبّبا في ارتفاع الأسعار!... وقد أصابنا العجب من هذا التشخيص العجيب الغريب.
النائب جمعان الحربش زعلان ومهموم هذه الأيام كثيرا، ويحق له أن يزعل ويتضايق، فهو نائب في مجلس الأمة، ونائب محترم أيضا، ومخلص ووفي لوطنه وإخوانه المواطنين، ولأنه نائب ومحترم ومخلص، فيجب أن يغتم ويهتم ويتأثر، بما يضايق المواطن البسيط ويكدر عيشه، وما من شيء يضايق المواطن البسيط هذه الأيام، قدر غلاء الأسعار الذي يلتهم ميزانيته المحدودة!لذلك، فقد قرر النائب المحترم، أن يبحث عن أسباب هذا الغلاء، ليجد الحل الذي يقضي عليه، ففكر - رعاه الله - وفكر، ثم أعاد التفكير مرارا وتكرارا، حتى هداه الله - بعد عناء - إلى معرفة الأسباب الحقيقية للغلاء، حيث اكتشف أن جشع التجار وقلة الرقابة الحكومية على الأسعار لا علاقة لهما بالأمر، وإنما السبب الحقيقي كما يظن حضرة النائب المحترم، هو الفساد المنتشر في البلد ونسيان الناس ربهم، وهو ما استدعى غضباً وانتقاماً إلهياً تسبّبا في ارتفاع الأسعار!نعم يا سادة، فهذا هو سبب غلاء الأسعار وقلة البركة، كما يرى النائب «المجتهد»! وقد أصابنا العجب من هذا التشخيص العجيب الغريب، الذي لم يستند الى ذرة من المنطق، فحسبناها شطحة من الشطحات النيابية الكثيرة هذه الأيام، لكن النائب وليد الطبطبائي فاجأنا حين أيّد ما أتى به زميله، من أن الغلاء سببه الفساد، وأضاف في اجتهاد - يشكر عليه - أن موجة الغبار وانقطاع المطر في الأيام الأخيرة، سببهما الحفلات الغنائية في «هلا فبراير»!وبناء على ما ذكره النائبان الفاضلان في اجتهاداتهما، فقد قررت أن أجتهد أيضا لأنفي صحة ما توصلا اليه، وأدعوهما دعوة صادقة - إن لم يكونوا قد فعلوا من قبل - إلى السفر الى ربوع (تايلند) الصديقة، وأن يستقلا «تاكسي» وردي اللون من خارج المطار - لأنه أوفر لهما - ويتوجها فورا إلى مدينة بتايا التي تبعد ساعتين فقط عن بانكوك، ليجدا هناك أن الفنادق تتراوح اسعارها بين 5 الى 8 دنانير لليلة، وأن وجبات «ماكدونالدز» و«كنتاكي» لا يتجاوز سعرها 800 فلس، وأن «أجدع تي شيرت» سعره لا يتعدى 3 دنانير، وساعات «رولكس» بـ 5 دنانير، وأي حديقة أو متنزه سياحي تقضي يومك فيه لن يكلفك أكثر من دينارين، فأي بركة، وأي رخص بالأسعار أكثر من هذا!وأبشّر النائب الطبطبائي بأنه سينعم برذاذ لطيف من المطر يتساقط على رأسه كل يوم تقريبا، ولن يرى الغبار هناك أبدا، فهم لا يعرفونه!وبتايا لمن لا يعرف، هي أكثر المدن صخبا على وجه الأرض، وفيها من المفاسد ما يسع البشر قاطبة ويفيض، وبأسعار زهيدة للغاية، وهذه حالها كما يعرفها زوارها الكويتيون منذ الثمانينيات، كانت ومازالت رخيصة «ممطرة» غير مغبرّة، لم يمنع سقوط المطر إقامة الحفلات فيها، لأنها أصلا ليست مدينة، بل هي حفلة مستمرة طوال اليوم، تشترك فيها حتى حجارة المباني هناك!ومع ذلك، لم ينتقم الله منهم بحرقهم بنار الأسعار ووقف المطر عنهم، فكيف ينتقم ممن عمّ خيرهم أيتام الأرض، وأشبعت عطاياهم أفواه الجائعين، وسترت هباتهم أجساد العراة، ومسحت كفوفهم دموع المحرومين، وبلّلت مياه آبارهم شفاه العطشى!سامحكم الله على نظرتكم لهذا الشعب، الذي تشهد أعمال الخير على تسابقه وفزعته لكل محروم ومظلوم وجائع، من زمن الأجداد حتى هذا اليوم!