زيادة الرواتب... لماذا البنك الدولي؟
الانطباع العام الذى من الممكن أن يتشكل عند عامة الناس بإسناد مهمة مراجعة سلم الرواتب والأجور في دولة الكويت للبنك الدولي هو أحد أمرين: إما أن هنالك نقصاً في الكوادر الوطنية المؤهلة للقيام بهذه الدراسة، وإما أن كفاءة الكوادر الوطنية الموجودة متدنية؟!! رغم أن الواقع العملي يبين عكس ذلك تماماً. لذا يبرز تساؤل: لماذا يجري البنك الدولي مثل هذه الدراسة؟
حتى وقت قريب كانت الحكومة ترفض مجرد الحديث عن مراجعة سلم الرواتب والأجور، لكنها تراجعت مع تزايد المطالبات من قطاعات مهنية مختلفة، وهي مطالبات وصلت إلى ذروتها بالتهديد باعتصامات واضرابات نفذ بعض النقابات المهنية عدداً منها وأعلن نيته الاستمرار فيها إن لم تُقر كوادره الخاصة، لاسيما بعد إقرار الحكومة لثلاثة كوادر تتعلق بالأطباء وموظفي النفط والخطوط الجوية الكويتية. وعلى إثر ذلك قامت الحكومة بتجميد الكوادر المالية الثلاثة التي كانت قد أقرتها للتو ووعدت بالقيام بدراسة شاملة لجميع الرواتب والأجور على أن تنتهي في شهر فبراير المقبل. ومن ثم أعلنت الحكومة أنها طلبت من البنك الدولي إجراء هذه الدراسة، وهنا يبرز السؤال المحير؛ لماذا يقوم البنك الدولي بهذه الدراسة خصوصاً أن المعلومات المتداولة تبين أن البنك الدولي يرفض زيادة الرواتب الحكومية، وهو ما يتناقض مع رأي الحكومة التي تعد بزيادتها؟ وبغض النظر عن الرأي المبدئي للبنك الدولي من قضية زيادة رواتب الحكومة، فإن السؤال ما يزال قائماً، لماذا يجري البنك الدولي مثل هذه الدراسة؟ بالطبع فإن جواب السؤال المطروح هنا لا يتعلق بأهلية أو عدم أهلية البنك الدولي للقيام بذلك، ولكنه ينصب بالدرجة الأولى على درجة الثقة التي تمنحها الدولة لكوادرنا ومؤسساتنا الوطنية. لأن الانطباع العام الذى من الممكن أن يتشكل عند عامة الناس هو أحد أمرين: إما أن هنالك نقصاً في الكوادر الوطنية المؤهلة للقيام بهذه الدراسة، وإما أن كفاءة الكوادر الوطنية الموجودة متدنية؟!! رغم أن الواقع العملي يبين عكس ذلك تماماً. فهناك العديد من الأكاديميين والمهنيين الكويتيين الأكفاء والمتخصصين فى المجالات العلمية ذات العلاقة بدراسة سلم الرواتب والأجور وتحديد مدى الحاجة إلى زيادتها ومقدار هذه الزيادة. كما أن هناك جهات أكاديمية محترمة ككلية العلوم الإدارية بجامعة الكويت، وأيضا جمعيات مهنية متخصصة كجمعية المحاسبين والمراجعين الكويتية والجمعية الاقتصادية الكويتية، ومن السهولة أن تقوم أي منها بإجراء مثل هذه الدراسة. وكان من المفترض أن تُعطى الثقة للكوادر الوطنية وللمؤسسات المهنية المحلية للقيام بمثل هذه الدراسة التي تتعلق بالبيئة المحلية، إلا إذا كان هناك أسباب «وجيهة» نجهلها!! من ناحية أخرى فقد كثرت خلال الأيام القليلة الماضية التصريحات الرسمية المتناقضة أحياناً حول مقدار الزيادة المتوقعة على الرواتب، فمنها ما يبشر بزيادة مجزية ومنها ما يذهب بعيداً لتحديد مقدار هذه الزيادة، على أن هناك مصادر رسمية تنفي كل ذلك على اعتبار أنها مجرد تخمينات «لأن دراسة البنك الدولي التي تعتمد عليها نسبة الزيادة لم تصل إلى وزارة المالية حتى الآن»، بحسب تصريح وزير المالية لجريدة «النهار» 16/1/2008. وحتى لا «يتدوده» مَن ينتظرون دراسة البنك الدولي بفارغ الصبر، فإنه من المفترض أن تكون هناك جهة رسمية واحدة تتولى توفير المعلومات الكاملة والدقيقة المتعلقة بهذه الدراسة.أخيرا هل تتكرم علينا إحدى الجهات الرسمية، وبالأخص وزارة المالية أو ديوان الخدمة المدنية، وتبين لنا لماذا البنك الدولي، وليس الكوادر والمؤسسات الوطنية، هو من يقوم بدراسة مدى إمكان ومقدار زيادة رواتب وأجور موظفي دولة الكويت؟