في حالة الإصرار على منع التعليم المشترك داخل الكويت، أليس من المفترض أن توقف الحكومة دراسة جميع طلبتنا في الخارج حالاً وتطلب منهم العودة الفورية لأن التعليم في الجامعات الخارجية التي تبعث لها الدولة هو تعليم مشترك خصوصاً في أميركا والمملكة المتحدة، لا بل حتى في الدول العربية ومنها الخليجية بالطبع؟قبل فترة قصيرة أعلنت لجنة إعداد خطة البعثات الدراسية في وزارة التعليم العالي عن زيادة عدد البعثات الدراسية للخارج خلال العام الجامعي القادم 2008/2009 من 350 بعثة دراسية إلى 1500 بعثة دراسية، وقد باركت اللجنة التعليمية في مجلس الأمة هذا التوجه على اعتبار أنه يتيح فرصة الدراسة أمام أبنائنا في الخارج. وفي أحد اجتماعات اللجنة التعليمية بمجلس الأمة مع وزيرة التربية والتعليم العالي وكبار مسؤولي وزارة التعليم العالي، أوصت اللجنة مسؤولي الوزارة بقبول الطلبة المتقدمين للبعثات جميعهم.(الجريدة 8 يوليو 2007).
كما يوجد لدينا الآن ما يزيد على 15000 طالب وطالبة يتلقون تعليمهم في الخارج (عادة يمثل عدد الطالبات ثلث العدد الإجمالي للمبعوثين تقريباً)، على أن الالتحاق بالبعثة الدراسية الخارجية هو شيء اختياري فهناك من الأسر من ترغب في ضم أبنائها للبعثات الخارجية وبعضها الآخر يفضل دراستهم في الكويت.
لكن الآن وفي حالة الإصرار على منع التعليم المشترك داخل الكويت، أليس من المفترض أن توقف الحكومة دراسة جميع طلبتنا في الخارج حالاً وتطلب منهم العودة الفورية لأن التعليم في الجامعات الخارجية التي تبعث لها الدولة هو تعليم مشترك خصوصاً في الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة، لا بل حتى في الدول العربية ومنها الخليجية بالطبع!!
ليس ذلك فحسب، بل إن على الحكومة القيام بإلغاء سياسة البعثات الدراسية الخارجية وإجراء إعادة هيكلة كاملة قد يترتب عليها إغلاق وزارة التعليم العالي، لأنها، أي الحكومة، ستضطر إلى إلغاء المكاتب الثقافية الخارجية (تسعة مكاتب) وقطاع البعثات والعلاقات الثقافية الخارجية بالوزارة. وفيما لو تم إلغاء البعثات الدراسية الخارجية، ألا يعتبر هذا عزلاً للكويت عن المجتمع الخارجي؟ ثم أليس ذلك غريباً وشاذاً في عالم اليوم؟
ثم إن علينا أن نتساءل هنا لنفترض أن الطالب أو الطالبة بعد التخرج من الثانوية العامة لم يلتحق بالجامعة بل قرر العمل في وزارات الدولة، فماذا على الحكومة أن تفعل في هذه الحالة؟ هل توجد له أو لها أماكن عمل خاصة ومفصولة تمشياً مع فكرة قوانين منع التعليم الجامعي المشترك مما سيترتب عليه وجود وزارات خاصة للنساء وأخرى خاصة للرجال ومن ثم وتدريجياً سيكون هناك دولة قائمة بذاتها لكل منهما!! أو تتركهما يعملان في أماكن عمل طبيعية ومشتركة وفي هذه الحالة فإنها ستخالف ما تذهب إليه فكرة فصل الجنسين؟!
فالموضوع الذي نحن بصدده يتعلق بضمان حق حرية الاختيار الديموقراطي الذي يبينه ويصونه الدستور، لذا لابد أن نحترم رأي مَن يرى أن التعليم المنفصل يتماشى مع قيمه وفلسفته في الحياة، كما نحترم أيضاً مَن يرى عكس ذلك، وعلى مَن يُصر على منع التعليم المشترك بحجة أن له مساوئ، ألا ينسى أن للتعليم المنفصل مساوئ سلوكية وتربوية أيضاً قد تفوق تلك التي للتعليم المشترك والاختيار في النهاية هو حق ديموقراطي دستوري متروك لأولياء الأمور الذين عليهم وليس علي أي أحد سواهم تقع مسؤولية اختيار التعليم المناسب لأبنائهم الذي يتماشى مع قيمهم وفلسفتهم في الحياة.
مرة أخرى، إن الديموقراطية كل لا يتجزأ، وهي تعني ضمن ما تعني حرية الاختيار والتنوع والتعدد والرأي الآخر، فمن العبث حقاً، أن نتباهى بأننا مجتمع مدني ديموقراطي يحكمه الدستور، ونفرض على الناس رأياً معيناً أو نمطاً أوحد للمعيشة، لأننا في هذه الحالة نتحدث عن شيء آخر غير الديموقراطية والدستور.