Ad

القطاع الخاص مطالب أكثر من أي وقت مضى بأن يستعيد موقفاً متوازناً يساعده، قبل أي طرف آخر، على استثمار الفرص التي قدمت إليه على طبق من ذهب وإنجاح هذا الرهان. ونأمل ألا تكون المرحلة القادمة مشهداً لفصل جديد من صراع الفيلة وتكون الضحية الأولى المواطن البسيط الذي قد يسحق سحقاً.

إقرار حزمة التشريعات الاقتصادية الأخيرة خصوصاً ما يتعلق بتخفيض ضريبة الاستثمار الأجنبي، وخصخصة مؤسسة «الخطوط الجوية الكويتية»، وقانون المستودعات، وتنظيم أملاك الدولة إضافة إلى دفعة قادمة من قوانين الخصخصة وهيئة سوق المال قد لا يعكس مؤشرات التركيبة الاجتماعية في الكويت بقدر ما يمثل مفاصل القوة وخيوط النفوذ في الحياة السياسية، فالقطاع الخاص لا يمثل سوى %2 من قوة العمل ولعل أقل من هذه النسبة في التركيبة السكانية، ولا يمثل القطاع الخاص ثقلاً أو قوة برلمانية كبيرة يمكنها تحقيق هذا الكم الكبير من التشريعات التي تصب في مصلحته المباشرة خلال فترة قياسية.

فالاختراق المهم الذي حققه القطاع الخاص هو نتاج استحواذه على مفاتيح القوة لدى أصحاب القرار من جهة، وبلوغ الفساد المنظم والنهب غير المحدود والمستمر للأموال العامة في الكثير من القطاعات الحكومية على حساب جودة الخدمة ورضا المستهلك إلى حد اليأس من ردعه، فلم تعد هناك خيارات أخرى غير تخليص تلك القطاعات وتقليل الخسائر المترتبة على سياسة ترك الحبل على الجرار.

ومهما كانت خلفيات أو مبررات هذا الإنجاز المهم إلا بأن القطاع الخاص مطالب أكثر من أي وقت مضى أن يستعيد موقفاً متوازناً يساعده، قبل أي طرف آخر، على استثمار الفرص التي قدمت إليه على طبق من ذهب وإنجاح هذا الرهان الذي سوف يحدد ملامح مهمة من مستقبل البلد، ولا بد أن يتحول إلى شريك حقيقي في المجتمع من خلال؛ خلق فرص العمل للكويتيين، وتوفير الضمان الصحي والتعليم لأبنائهم، وتقديم خدمة أفضل للمواطن وبأسعار تنافسية، والمساهمة في تمويل الميزانية العامة للدولة عن طريق ضريبة الدخل في مقابل مشاريع تقدر بعشرات المليارات، ونأمل ألا تكون المرحلة القادمة مشهداً لفصل جديد من صراع الفيلة وتكون الضحية الأولى المواطن البسيط الذي قد يسحق سحقاً.

وعلى القطاع الخاص أيضاً أن يعي تبعات الفوارق الطبقية والاجتماعية وآثار ذلك سياسياً وحتى أمنياً مع اتساع مثل هذه الفجوة التي بدأنا نتلمس صداها قابلية ذلك للزيادة في ظل الإحساس العام بالضنك المعيشي وارتفاع الأسعار والتضخم الكبير في تكاليف الحياة اليومية مقابل التقشف غير المبرر والبخل الحكومي في التعامل مع قضايا وشجون المواطن العادي، فمن أهم أسرار استمرار نجاح القطاع الخاص زيادة شريحة الطبقة المتوسطة والاستقرار النفسي والاجتماعي في المجتمع، ونتمنى بالفعل أن يضرب القطاع الخاص أمثلة حية ذات مصداقية بأن الاعتماد عليه لم يكن رهاناً خاسراً وأنه بالفعل قطاع خاص... ولكن ليس خاصاً جداً!!