وجهة نظر محاولة لتفهُّم سينما جريئة وغريبة! 1-2

نشر في 06-05-2008 | 00:00
آخر تحديث 06-05-2008 | 00:00
 محمد بدر الدين ظهرت في السينما المصرية أخيراً ملامح اتجاه جديد يدعو، بجرأة حقيقية، إلى إعادة النظر في قضايا ومفاهيم ومسلمات أخلاقية واجتماعية، تتعلق بالعلاقة بين الرجل والمرأة، الحب ومؤسسة الزواج. غالبية صانعي هذه السينما من الشباب، ونظرتهم جديرة بتفهمها وبالحوار معها، بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف.

بدأ هذا الاتجاه قبل أعوام بخجل في «أبواب مغلقة» للمخرج عاطف حتاتة، مروراً بـ «الباحثات عن الحرية» للمخرجة إيناس الدغيدي، «ويجا» للمخرج خالد يوسف، ليصل إلى ذروته العام الماضي في «علاقات خاصة» للمخرج إيهاب لمعي، وفي العام الحالي مع «احنا اتقابلنا قبل كده» للمخرج هشام الشافعي، «بلد البنات» للمخرج عمرو فهمي، الذي لم يعرض تجارياً بعد لكنه عرض في مهرجاني «القاهرة السينمائي الدولي» الأخير و«القومي للسينما المصرية» الذي انتهت فاعلياته قبل أيام.

يوضح رصد مجموعة من الأفلام الحديثة وتأملها مدى ما يعنيه هذا الإتجاه ويرنو إليه والجرأة الحقيقية اللافتة للنظر فيه. في «احنا اتقابلنا قبل كده» (كتبته نادين شمس)، نحن أمام مشكلتين لنموذجين توضح كلتاهما الأخرى: سارة (نيللي كريم) وداليا (كارولين خليل). تفتح الأولى ذراعيها لمشروع الزواج بقصة حب ومشاعر جميلة متأججة مفترض أنها متبادلة مع الزوج، لكنها لا تحصد إلا خيانته أمام عينيها وفي شقتها، خيانة يراها الزوج مجرد نزوة عابرة، ما يدفع الزوجة إلى التفكير في الانتقام بخيانة مماثلة، لكنها تتدارك الخطأ في النهاية وتقاوم هذا «التخبط»، الذي أحدثته خيبة الأمل في مشروع الزواج.

على النقيض من ذلك، تدرك صديقتها داليا وحبيبها الطيار، منذ البداية، مخاطر أو «أمراض» مؤسسة الزواج، ويتعاهدان على الحب والعيش معاً حياة كاملة مستقرة حرة سعيدة من دون زواج.

ويقدم الفيلم هذه العلاقة التي تماثل الزواج تماماً، لكن من دون عقد وتوثيق، كعلاقة سعيدة ومثالية، لا تبدأ المنغصات إلا بإعادة الرجل التفكير في مشروع الزواج على النحو الذي ارتضاه المجتمع والناس، عبر عقود وعهود، ترفض داليا بإصرار وتصميم هذا الأمر إيماناً منها بأنه سيقتل حبهما وحياتهما، معتبرة أن «الزواج هو مدمر للحب والمشاعر والتفاصيل الجميلة وأحاسيس الحرية والاستقرار النفسي والحقيقي بعيداً عن الزيف والاصطناع وارتداء قناع تلو قناع».

ولعل هذه هي المرة الأولى التي نجد فيها، في السينما المصرية، مثل هذا النموذج وتلك الحالة، بينما رأينا الحالة نفسها، معكوسة، مرات من دون حصر، كان من صورها قبل أعوام إحدى العلاقات الرئيسة في «سهر الليالي» للمخرج هاني خليفة، إذ بدا الرجل (شريف منير) هو الذي يخشى دائماً تحويل الحياة والعلاقة «الكاملة» بينهما إلى زواج، بينما المرأة (علا غانم) تلحّ معظم الوقت على فكرة الزواج، وبناء بيت وأسرة على النحو والنسق الذي ارتآه المجتمع واستقر عليه.

ويقدم «علاقات خاصة» علاقات لثلاثة شباب، من ضمنها علاقة شاب بزوجته التي يهيم بها عشقاً، يراها «بأم عينيه» تخونه مع رجل آخر، ومع ذلك لا ينفصل عنها بحجة أنه لا يستطيع الاستغناء عنها!

أما صديقه فيهيم حباً بامرأة ويعتزم الزواج منها، وحين يصدم بأن هذه المرأة الرقيقة الراقية، ما هي إلا مومس تتعامل مع أنواع محددة من الزبائن ولا تحصل لقاء ليلة على أقل من خمسة آلاف جنيه، يتمالك نفسه وهو يقبل طلبها بإقامة علاقة بينهما من دون زواج ويتغلب على صدمته.

نتوقف أمام «بلد البنات» وغيره كنماذج... في حديث مقبل.

back to top