Ad

إنه التحدي الأكبر أمام «نُخبنا» العربية والإسلامية، لاسيما الفنية والثقافية منها، وفي مقدمها العراقية التي تحول العديد منها، للأسف الشديد، ليس فقط إلى شاهد زور على عملية اغتصاب «عبير» فحسب، بل على ما يحصل لاغتصاب أمة بكاملها.

لم يستطع أحد أن يختصر ويلخّص المشهد العراقي والإقليمي وربما الدولي برمته، كما استطاع السينمائي الأميركي الكبير «براين دي بالما» أن يفعل! وذلك من خلال فيلمه «الصادم» الذي عرضه يوم الأربعاء الماضي في مهرجان البندقية، وهو الفيلم الذي سماه بـ «منقح» لأنه اضطر إلى تنقيحه من خلال استبدال بعض الصور الواقعية لفاجعة اغتصاب البنت العراقية البريئة «عبير قاسم الجنابي» بنت الـ 14 ربيعاً في بلدة المحمودية، وذلك حتى لا تتم مقاضاته!

المعروف أن الذين قاموا بهذه الفعلة النكراء هم مجموعة متوحشة من جنود المارينز أكملوا وحشيتهم بقتل الفتاة ومعها سائر أفراد عائلتها الموجودين معها آنذاك في المكان، ومن بينهم فتاة تصغرها سناً!

يقولون إن بعض الحاضرين صدموا بسبب غياب الصورة الواقعية عنهم حول قصة «تحرير العراق»! وأن بعضهم الآخر ولشدة تأثره بما رأى أجهش في البكاء!

السينمائي الأميركي الكبير لم يكتف ِبعرض فيلمه، بل ألحقه بمؤتمر صحفي فنّد فيه كل ادعاءات جوقة من سماهم بالمخادعين والمزيفين للحقائق الفظيعة، كما قال، التي تحصل في العراق بعيداً عن أعين الرأي العام وعن وسائل الإعلام، حسب قوله. وبعد أن ذكَّر بوقائع حرب فيتنام القذرة طالب بسحب قوات بلاده فوراً، وقال إن هذا الفيلم إنما يقدمه الآن ليكون خطوة في تسريع هذه المهمة!

إنه التحدي الأكبر أمام «نُخبنا» العربية والإسلامية، لاسيما الفنية والثقافية منها، وفي مقدمها العراقية التي تحول العديد منها للأسف الشديد ليس فقط إلى شاهد زور على عملية اغتصاب «عبير» فحسب، بل على ما يحصل لاغتصاب أمة بكاملها من قبل هؤلاء الهمج الرعاع، بل إن بعضهم أفرط في التفاؤل بمهمة «التحرير» فتحول إلى منظِّر «جاهلي» لها ولجوقة الطبقة السياسية المروجة لها!

إنه سؤال كبير أيضا برسم العلماء علماء الأمة كلهم، وفي مقدمهم علماء العراق البتة!

الأمر لا ينحصر قطعاً بهذه الواقعة الأليمة؛ فهناك براهين على وقوع عشرات مثلها! بل إن الأمر أمرّ من ذلك عندما نعلم أن ثمة من يروج لفضاءات تساعد على حصول مثلها، بل ويشرعنه! وهو ما يذكرنا بممارسات حفلت بها حرب الفيتنام. ويكفي في هذا السياق العودة إلى صحيفة «هوال» الكردية التي نشرت أخيراً وقائع توديع الفرقة 101 الأميركية - بالصور الموثقة التي أعادت نشرها شبكة «أخبار العراق» الإلكترونية - والتي أقامتها لها الفرقة العراقية الرابعة المسؤولة عن قطاع محافظة صلاح الدين، ليشاهد علماؤنا ومثقفونا ونخبنا بأم أعينهم ماذا يحصل للعراق الجريح والمستباح والمغتصب! لعلهم يتضامنون مع الفنان الأميركي الكبير دي بالما!

والآن سؤالي الأهم إلى «النخب» العربية والمسلمة المسترخية على شواطئ الأطلسي والبحار والأنهر الأوروبية المتعددة من وزراء ونواب أو مديرين عامين سابقين أو معارضين غاضبين أو حانقين أو ملتاعين ومكتوين من حكام بلادهم، وهو: هل هذا هو ما تريدونه لبلادكم عندما تحرضون يومياً باتجاه تعميم النموذج العراقي بوعي أو من دون وعي؟!

السؤال نفسه موجه الى العسكر و«المدنيين» من حواريي الحاكم المستبد الذين لا همَّ لهم يومياً سوى إبداء الحرص على بقاء الأمور كما هي لمصلحة الحاكم بأي ثمن كان، أو كتابة التقارير التي تُجَّمل له كل شيء!

والسؤال الأكبر الموجه لعامة الناس في بلاد المسلمين ألا وهو:

ألا تستدعي لديكم استنفارات العسكر التركي والباكستاني و.... وتحذيرات بطانتهم من العلمانيين ومروجي «الانتداب الديموقراطي» في لبنان وغير لبنان بأن اغتصاباً جديداً على شاكلة اغتصاب «عبير» يُحضَّر له في مكان ما من هذا العالم الشيطاني الساكت عن الحق؟!

إنه مرة أخرى سؤال آخر برسم علماء الأمة، كل علماء الأمة من دون استثناء!... وفهمكم كفاية!

*الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني