حشد مع الناس عيد!
من المفترض على كتلة العمل الشعبي -أو لنسمها «حشد» من باب الاستبشار بالاسم الجديد- أن تقود مسيرة إشهار الأحزاب السياسية، والتي ليست في واقع الأمر سوى تنظيم وتصحيح لما هو قائم فعلاً من ممارسات سياسية.
منذ سنوات، وأنا أكتب وأتحدث في كل فرصة عامة وخاصة تسنح عن أن العمل البرلماني هو عمل جماعي بطبيعته ولا يمكن أن يقوم مطلقا على الجهد الفردي الضعيف، وأن ديموقراطيتنا الكويتية ستبقى ناقصة، ولا أريد اليوم أن أقول غير حقيقية ومزيفة حتى لا أتهم مرة أخرى بالتشاؤم، ما لم تقر الأحزاب لتمارس عملها بشكل واضح وقانوني. ظهور كتلة العمل الشعبي بقيادة الرمز السياسي أحمد السعدون منذ سنوات، وأقول الرمز سواء اتفقت أو اختلفت مع توجهاته وحراكه، كانت استجابة لهذه الحقيقة، ورضوخاً للواقع السياسي المتشعب والثقيل والذي صار يحتم العمل من خلال فرق العمل للتصدي له. واليوم، ها هي كتلة العمل الشعبي قد تقدمت أكثر على سلم التبلور «الحزبي» إذ أعلنت تشكيل لجنة تحضيرية استعداداً لإعلان نفسها حركة سياسية جديدة تحت اسم حركة العمل الشعبي «حشد».بالرغم من أن هذا الأمر يعتبر في المحصلة شيئا إيجابياً على صعيد تطور الممارسة السياسية الشعبية في الكويت، فإن المؤسف فيه أنه لم يأت إدراكاً من كتلة العمل الشعبي وهي من هي بمن فيها من رموز سياسية شعبية مصنفة في قيادة تيار المعارضة والتصدي لقوى الفساد والسعي نحو الإصلاح السياسي، أقول لم يأت إدراكاً منها بالحاجة الملحة لإصلاح أوضاعنا السياسية وجبر كسور ديموقراطيتنا من خلال إقرار العمل الحزبي المنظم والقانوني، وإنما بسبب حاجتها السياسية والانتخابية التي خلقها الواقع السياسي الجديد، من بعد تغيير الدوائر وإعطاء المرأة حق التصويت.إن من المفترض على كتلة العمل الشعبي، أو لنسمها «حشد» من باب الاستبشار بالاسم الجديد، بما لديها من رمزية إصلاحية سياسية، ومقدار لا بأس به من المصداقية بعكس تيارات أخرى انكشفت سوأتها وصارت موسومة بالسعي إلى مصالحها الحزبية ومنافع قياداتها الشخصية، أن تقود مسيرة إشهار الأحزاب السياسية، والتي هي في واقع الأمر ليست سوى تنظيم وتصحيح لما هو قائم فعلاً من ممارسات سياسية، وإخراج للبلد من هذه الفوضى العاصفة التي ساهمت وبشكل مباشر في إدخال البلاد في حالة الاختناق التي تمر بها على كل مستوى وفي كل مجال، هذه الحالة التي تستطيبها الكثير من الأطراف، وخصوصاً قوى الفساد التي تجد فيها بيئة خصبة تلعب من خلالها على المتناقضات والخلافات للوصول إلى مكاسبها!مشروع القانون الذي تقدم به حزب الأمة إلى جميع أعضاء مجلس الأمة منذ أكثر من عامين ولم يجد آذاناً مصغية آنذاك، ومشروع القانون الذي أعده النائب الفاضل علي الراشد منذ أشهر عن تقنين عمل الأحزاب السياسية، قد جاءا خطوتين جادتين إدراكاً لحاجة البلد إلى تنظيم شؤون الأحزاب وتقنينها كخطوة أصيلة وأساسية على طريق الإصلاح السياسي، وبالتالي صار اليوم لزاماً على «حشد» برمزيتها الإصلاحية عند الناس أن تدعم هذا التوجه بشكل مبدئي وصريح!