المزايا العظيمة للتطرف
التطرف ( في أي شيء) حال ايجابية!! التطرف في الفكر، في الدين، في السلوك، في الفن، في الرياضة، في الذوق،..الخ، أقصر الطرق للمصالحة مع الذات والالتصاق بها! التطرف.. يختصر كل الوان الدنيا الى لونين فقط، وكل الدروب الى طريقين لا ثالث لهما، وبذا يختصر عليك الحيرة! يجعلك «تفلتر» كل حضارات العالم، وكل ما تحصلنا عليه من المعرفة، وكل النظريات، وكل العلوم الى فكرة صغيرة جدا تتمحور حول قناعة واحدة راسخة في ذهنك أنت!! التطرف جميل لانه... يبسّط لك الصراع الازلي بين ما هو الصواب، وما هو الخطأ عن طريق معيار واحد فقط، معيار صغير وهو معيار: ان لم تكن مع ، فأنت ضد!! هذا المعيار يمكنك من القدرة على الفصل بين الصواب والخطأ بسهولة مذهلة.. واصدار الاحكام بيسر لا يتأتى لسواك.. وتصبح «محصنا» ضد اي رأي آخر يمكن ان يشوش طريقة تفكيرك، او يجعلك تشكك في صواب ما تفعل. وهذه القدرة ( على معرفة الخطأ من الصواب) هي اساس محوري في جوهر الديانات، والعلوم الانسانية، والقيم الأخلاقية، فتأمل كيف ان التطرف يقدمها لك بكل بساطة «على طبق من فضة». ليس هذا فقط ما يقدمه لك التطرف.. التطرف يمنحك حالة عالية جدا من الصفاء الداخلي.. فلا مجال لما يجعلك متشككا في ما تعتقد، او مترددا حيال ما تفعل!! فانت على يقين دائما وأبدا مما تقول او تفعل. والتطرف بحد ذاته مشروع وحدوي عالمي جبار وفريد. فهو محاولة لتوحيد احلام الناس بحلم واحد فقط هو حلمك، وعقول الناس جميعا بعقل واحد هو عقلك، وعواطف الناس جميعا بعاطفة واحدة هي عاطفتك، واسماء الناس جميعا باسم واحد هو اسمك. طيب..!! طالما أنّ كان التطرف بهذا الجمال، وهذه الروعة... لماذا إذأً لم نختر يقين «التطرف، بدلا من «شكوك» الوسط؟! لماذا لم نخترْ «راحة» الاجابات الجاهزة، بدلا من «عذاب» الاسئلة التي لا تنتهي؟! لماذا نلهث بحثا عن ينابيع، في حين أن بامكاننا الحصول على مياه معلبة ومحفوظة نيابة عنا؟! لماذا نصر على حمل صخرة «سيزيف» فوق ظهورنا، في حين أن هناك من يتبرع بحملها نيابة عنا؟! والأهم من ذلك وقبله، لماذا غابت هذه المزايا (العظيمة) للتطرف، عن بال كل الشرائع السماوية، والمعايير الاخلاقية، والمثل، والحياة الطبيعية للناس؟! وكيف غابت فضائل التطرف عن بال كل الانبياء، والمفكرين،والفلاسفة، وأولئك الذين ساهموا يجعل الحياة أكثر جمالا وبهجة؟! سؤال لم أجد له إجابة بعد...