ثبّت العرش ثم أنقش!

نشر في 21-09-2007

دعوة صادقة نسوقها الى سمو الرئيس في ظل أجواء نأمل أن تكون بداية لتشكيل حكومة جديدة بالكامل؛ أولاً، عدم الاستعجال في الإعلان عنها، وأن يسبق ذلك إعداد خطوط رئيسة لبرامج عمل حكومي مبني على فكر تنموي، ثانياً، وضع معايير اختيار الوظائف القيادية وفرض نظام الثواب والعقاب، والتشدد في عدم استغلال أعضاء الحكومة الجديدة نفوذهم في مشاريع ذات مصالح شخصية وفئوية.

مع انطلاقة المشاورات السياسية لإعادة ترميم الحكومة، يترقب الجميع ميلاد هذا المشروع الجديد من بُعدين مهمين: أولاً، لنزع فتيل الاحتقان السياسي القائم بين السلطتين، ثانياً، لوضع حد لحال الإحباط العامة وإعادة الثقة والأمل بأن البلد سوف يخطو نحو نهج جديد يحمل بين دفتيه مشاريع تنموية حقيقية ويستعيد في ظله القانون هيبته والنظام العام سلطانه، بعدما وصلت الأمور إلى حال من التسيب العارم وضرب المبادئ والقيم، بدءاً بمجلس الوزراء والوزراء أنفسهم ومروراً بالقيادات الإدارية الوسطى وانتهاء بأصغر موظفي الدولة.
ويتمنى الجميع النجاح والتوفيق لسمو رئيس الوزراء في هذا القرار الصعب الذي سوف يتخذه، وسط تجاذبات وإملاءات وتهديدات وطلب الترضيات التي لا حصر لها ومن كل الاتجاهات، فتجربة الحكومات الثلاث التي شكلها سمو الرئيس كانت حافلة بهذه التناقضات كلها، بل وبصلاحيات تدريجية كانت سبباً مباشراً للتعثر في أكثر من محطة، برغم الإعلان عن خطوط عامة لخطوات إصلاحية جديدة ونوايا محاربة الإرث الكبير لأشكال الفساد الإداري والسياسي والمالي.

وللحقيقة، فإن الثمن السياسي الذي دفعته حكومات الشيخ ناصر المحمد، بمجرد رفع عنوان الإصلاح، يكمن في محاولات إشغال سموه بمعارك سياسية جانبية على جبهات عدة داخل مجلس الأمة وخارجه، لعرقلة وإرباك مسيرة السلطة التنفيذية من خلال التحرشات والتهديدات السياسية له ولأقطاب حكومته، إضافة إلى نجاح بعض الاختراقات الجديدة التي تسلل عبرها بعض أصحاب النفوذ والأفكار والمصالح الفاسدة إلى موقع القرار، وبلغوا حد اتخاذ قرارات قاتلة مثل مشروع «أمانة» وغيرها التي كشفت تورط بعض الوزراء، إضافة إلى الأخطاء الجسيمة سياسياً وإدارياً التي ارتكبها وزراء آخرون أرهقوا بسببها كاهل رئيسهم سياسياً وشعبياً.
ودعوة صادقة نسوقها لسمو الرئيس في ظل أجواء نأمل أن تكون بداية لتشكيل حكومة جديدة بالكامل؛ أولاً، عدم الاستعجال في الإعلان عنها حتى قبيل افتتاح دور انعقاد مجلس الأمة، وأن يسبق ذلك إعداد الخطوط الرئيسة لبرامج عمل حكومي مبني على فكر تنموي بمشاريع وخطط حقيقية قابلة للتنفيذ بمقومات إصلاحية، تكون الأولوية فيها لمبادئ الشفافية التامة ومؤشرات جادة لتقييم أدائها وترجمتها وفق جدول زمني ثابت.
والأمر الآخر وضع معايير اختيار الوظائف القيادية من منصب مدير إدارة ووكيل مساعد ووكيل وزارة، وفرض نظام الثواب والعقاب والمحاسبة الذاتية داخل مجلس الوزراء، والتشدد في عدم استغلال أعضاء الحكومة الجديدة وجودهم أو نفوذهم في مشاريع ذات مصالح شخصية وفئوية، ومن ثم عرض هذه القائمة على المرشحين للوزارة حتى يكون القسم الدستوري واضحاً ومحدداً ومحاسباً عليه، وعندئذ يمكن الوثوق بأن الحد الأدنى من شروط ومعايير اختيار المؤتمنين على السياسة العامة للدولة قد توافر، وأن تكون مقاعد مجلس الوزراء «للجادين فقط».
أما البعد الآخر للحكومة الجديدة فيتمثل في إضفاء غطاء سياسي محكم لها داخل مجلس الأمة، وسمو الشيخ ناصر المحمد خطا خطوة جريئة وغير مسبوقة بمشاورة جميع أعضاء مجلس الأمة في التشكيل الأخير، ويمكنه أن يعزز تلك الخطوة بكسب ثقة البرلمان من خلال استعراض أسماء وزرائه على أعضاء المجلس والدخول إلى قاعة عبدالله السالم بأغلبية برلمانية مريحة، حينها يمكن أن تصمد الحكومة أمام أي استجواب وحتى طرح الثقة، وأيضاً تكون المعارضة السياسية فعالة في حدودها الدستورية وموجهة للشارع الكويتي حتى الانتخابات القادمة.