Ad

إذا كنا في الأمس فقط نردد: «محشومة يا أم عادل»، فإننا يومياً ومنذ زمن طويل، نردد بأصوات مبحوحة، وقلوب قلقة: «العذر والسموحة، وسامحينا على القصور ياكويت».

كان المشهد في الأمس مفعماً بالفرحة المسلوبة، فالترقب كان الحاضر الأبرز، الجميع حبس أنفاسه، منتظراً إعلان نتائج تصويت مجلس الأمة، على طرح الثقة عن وزيرة التربية نورية الصبيح، وكأننا ننتظر قرار الإفراج من حالة القلق التي نمر بها.

وخلال الثواني الفاصلة بين انتهاء التصويت وإعلان النتيجة، علت الزغاريد الخجلة داخل قاعة عبد الله السالم، وسبق الإعلان تصفيق من المقاعد الخلفية، فعلمت الحكومة أنها عدّت على خير، وارتسمت الابتسامة على محيا أغلب الحضور، قبل أن يخلوا القاعة منصرفين لمتابعة حياتهم.

«محشومة يا أم عادل»، أطلقها نجم جلسة يوم أمس النائب مرزوق الغانم، عندما خاطب الوزيرة نورية الصبيح، وعلمنا وهو يرددها مبرئاً ساحتها مما نُسب إليها، بأننا أجرمنا بحق وطن، قبل أن نقرر موقفاً من الوزيرة أو ضدها، فحرب الاتهامات طالت النائب المستجوب وفريقه، والوزيرة المستجوبة ومناصريها، ونحن مع كليهما.

قاعة عبد الله السالم أمس احتضنت الكويت، بحكومتها ونوابها، باديتها وحاضرتها، سُنتها وشيعتها، الكل هنأ الوزيرة حتى مناوئوها، لكنهم فتحوا جرحاً نازفاً، في وريد وطن، أحبهم وتنكروا له.

«خلصنا» من طرح الثقة، و»عدّت» الحكومة على خير، وعبّرت ومعها المجلس إلى بر الأمان، وعادت شائعات الحل إلى جحورها، تترقب مرور فريسة جديدة، فصيد هذه المرة، لم يكن موفقاً.

لكن بالمقابل أخذت الأسئلة المهمة تتفجر تباعاً، ماذا عن تدخل بعض أبناء الأسرة لتجيير مواقف بعض النواب لمصلحتهم، وضد مصلحة الدولة، ولماذا غاب التعليم عن استجواب وزيرة التعليم، وما داعي حساسية الحكومة المفرطة تجاه الممارسة السياسية، وأين الأولويات والإنجازات وخطط العمل الحكومية؟!

المؤلم أن الدولة تعطلت ما يقارب الشهر بسبب نائب، قرر أن سعر هدية تذكارية مبالغ فيه، ولم يتم معالجة هذا الخلل بالشكل المطلوب، متناسياً أن خزينة الدولة استبيحت من قبل مجموعة تتسيد الموائد الرسمية اليوم، ومع ذلك لم يهتز له جفن.

أي استهتار سياسي يمكن أن نصل إليه؟ بعض أبناء الأسرة يحاربون أنفسهم، من خلال نواب قابلين للبيع بحسب الموقف، ونظام يبحث عن أمل يبثه في نفوس الناس، فلا يجد، ويتذرع ببرلمان يُعطل ولا يُنجز، وحكومة ترجئ أعمالها وتساوم النواب، بحثاً عن مناصرين للوزيرة، وكأنها متهمة، ووزير يمثل قبيلة، يستجوب ابن عمه زميلته، فيكون أول المهنئين لزميلته على تجديد الثقة، ولابن عمه على أدائه بالاستجواب.

بالأمس عندما علا «اليباب» قبل النتائج، كان دلالة على استرجاع فرحة مسلوبة، من نفس مواطن مكسور، يرى محيطه متشحا بألوان فرح، بينما واقعه رمادي، وإذا كنا في الأمس فقط نردد: «محشومة يا أم عادل»، فإننا يومياً ومنذ زمن طويل، نردد بأصوات مبحوحة، وقلوب قلقة «العذر والسموحة، وسامحينا على القصور ياكويت».