ليلة سقوط الشعبي

نشر في 09-12-2007
آخر تحديث 09-12-2007 | 00:00
 سعد العجمي

بدت كتلة الشعبي مهتزة ومنقسمة على ذاتها في الجلسة الأخيرة، وإذا كانت هناك ثمة رسالة نوجهها إلى أعضاء الشعبي باسم أنصاره وقواعده الشعبية في النهاية، فهي ضرورة أن يدركوا أن هذه الكتلة ليست رهناً لسلطة أحد، وأن قرارها لا يجب ألا يُختزّل في نائب أو نائبين.

انتمائي للتكتل الشعبي ليس «سُبة» أو تهمه قد يوجهها إليّ الآخرون، بل شرف لي وتاج أضعه على رأسي، لكن ذلك لا يعني أنني لا أملك الجرأة أو الحق في انتقاد التكتل وأعضائه إذا ما ارتكبوا ما اعتقد أنه يستوجب النقد والتقريع.

من هنا، فإن النتيجة التي آلت إليها جلسة شراء المديونيات عن المواطنين يوم الأربعاء الماضي كانت كابوساً مزعجاً لـ«حشد» ولأنصارها، على اعتبار أن «الشعبي» كان الخاسر الوحيد في الجلسة بعد أن ربح الجميع بمن فيهم الحكومة.

نعم ربح الجميع، المستقلون ومعهم الكتلة الإسلامية المستقلة كمؤيدين للمشروع، والوطني ومعه نواب السلف كمعارضين ثبتوا على موقفهم الرافض، وكذلك «حدس» التي غيرت موقفها استجابة لضغط الشارع على بعض نوابها وصوتت مجتمعة، وأخيراً الحكومة التي نجحت تكتيكاتها في تأجيل حسم الموضوع وإعادته إلى «ثلاجة» اللجنة المالية، أما «جماعتنا» فظهروا، وللأسف الشديد، خلال الجلسة وكأنهم «جهال سياسة».

نحن هنا لا نتحدث عن التأييد أو المعارضه للقانون، بل نتكلم من منطلق مبدئي، فنحن نقدر لأعضاء الوطني موقفهم السياسي كمعارضين لهم أسبابهم في ذلك، وهو الأمر ذاته الذي ينطبق على نواب السلف، كما نحترم ونُجل موقف المؤيدين للقانون، لكن ما لا نؤيده ولا نقره هو أن يخرج علينا مسلم البراك خلال الندوات التي سبقت مناقشة القانون ليقول إن نواب الشعبي مؤيدون له بصيغته الجديدة، ثم نفاجأ بعكس ذلك، لذا فإن من حقنا على«أبو حمود» أن نعرف ما جرى، وهل فعلاً كان هناك اجماعٌ على التأييد قبل مناقشة القانون؟

قد يقول أحدهم إن الصندوق الذي أعلنت الحكومة في الجلسة عن إطلاقه، بناء على رغبة صاحب السمو، حفظه الله، قد أربك حسابات النواب الثلاثة (السعدون ولاري وعبد الصمد)، لكن هذا القول مردود عليه، باعتبار أن الأمير، أطال الله عمره، أناط بالحكومة مسؤولية الإشراف على الصندوق، والنواب الثلاثة هم أكثر من يقول دائما إن الحكومة عاجزة عن إدارة البلد ككل، فهل يعتقدون أنها ستنجح في أن يحقق هذا الصندوق أهدافه المرجوة؟ هل الثقة في الحكومة بالنسبة الى النواب الثلاثة لها مواصفات خاصة، بحيث تنجح في أمر وتخفق في أمر آخر؟ أضف إلى ذلك أن الصندوق سيجري تسييسه عند إقراره، وسيكون عما قريب مشروع استجواب يقدم لبعض أعضاء الحكومة، وتذكروا كلامي هذا.

على كل، فإن انزعاجي ليس مصدره أن القانون أُعيد إلى اللجنة، بفضل نواب التكتل الثلاثة الذين كانت أصواتهم هي السبب، بل مَردّه لحالة الارتباك الشديدة التي كان عليها أعضاء الشعبي، وهزّت صورتهم أمام الشارع، فقد يكون التأييد الجماعي أو الرفض الجماعي أقل وطأة عليهم من حالة الانقسام والتشرذم التي كانوا عليها في لحظات التصويت، وهم من أعلنوا قبل فترة قيام كيانهم «حشد» كحركة سياسية حزبية، فإن كانت تلك هي طريقة تعاملها مع القضايا الخلافية داخل القاعة، فلنقل عليها السلام عما قريب، خصوصاً أن الجلسة كانت «سياسية» من الدرجه الأولى.

لقد قدم أعضاء التكتل بموقفهم هذا فرصة على طبق من ذهب لخصومهم السياسيين داخل المجلس وخارجه، والخطورة هنا أن يصار إلى حّل المجلس لأي سبب كان في ظل الهزة «الشعبية» التي تسبب فيها تعامل نواب الشعبي مع هذه القضية التي تمس أغلب شرائح المجتمع، وكأن تاريخ استجواب الصبيح وموقف «حدس» من ذلك الاستجواب يعيد نفسه.

وإذا كانت هناك ثمة رسالة نوجهها لأعضاء الشعبي باسم أنصاره وقواعده الشعبية في النهاية، فهي ضرورة أن يدركوا أن هذه الكتلة ليست رهناً لسلطة أحد، وأن قرارها يجب ألا يُختزّل في نائب أو نائبين، والأهم من ذلك أنه، عند تحديد المواقف السياسية من أي قضية خلافية في المستقبل عند التصويت، يجب أن يكون القرار جماعياً، لاننا نخشى يوماً قد يأتي وكتلة العمل الشعبي لا تحمل فيه من هموم ومتطلبات الشعب سوى كلمة «شعبي».

* * *

قد تختلف معه في الكثير من القضايا، والآراء والأطروحات، لكنك لا تمتلك إلا أن تحترمه وتقدره. موقفه الأخير الرافض لقانون شراء المديوينات وطريقة تعبيره عن ذلك الرفض يجعلك تجله أكثر وأكثر، إنه صالح الفضالة الذي عندما يتحدث يقدم للآخرين دروساً مجانية لحديث العقل والمنطق مهما اختلفت معه.

back to top