Ad

تتجلى تاريخية الحل الأخير من حيث العدد بأن مرات الحل الدستوري تفوقت على غير الدستوري لأول مرة، ما يعني أن العرف السائد أصبح بذلك هو الحل الدستوري، وهذا ما يدعونا إلى إلغاء مصطلح الحل من الاستخدام والاستعاضة عنه بمصطلح الانتخابات المبكرة.

حل مجلس الأمة هذه المرة يختلف عن سوابقه، فالحل هذه المرة يمثل حدثاً تاريخياً بعدة مقاييس، وقد لا تعني «تاريخية» الحدث بالضرورة إيجابيته بالمطلق، ولكن تاريخيته تعني بتراً وقطعاً للعلاقة مع ما مضى.

فالحل، وهو الخامس في تاريخ الكويت، قد أنهى بصورة قاطعة القاعدة الرقمية التي كانت تحكم التسلسل الديموقراطي خلال الـ47 سنة الماضية، فبعد كل مجلس أمة يكمل دورته كان الذي يليه إما يتعرض للحل وإما يتم العبث به كالتزوير عام 1967.

فما إن أتم مجلس 1963 مدته حتى تم تزوير انتخابات 1967، وكذلك ما إن أتمّ مجلس 1971 دورته حتى تم حل مجلس 1975 حلاً غير دستوري عام 1976، ومن ثم عادت الانتخابات عام 1981 على أساس الـ25 دائرة، فما إن أتمّ المجلس دورته حتى تم حل المجلس الذي انتخب بعده عام 1985، حيث حل عام 1986 حلاً غير دستوري واستمرت البلاد من دون مجلس حتى الغزو عام 1990، وعادت الانتخابات مجدداً في أكتوبر 1992، ولكن ما إن أكمل ذلك المجلس دورته الاعتيادية وأجريت الانتخابات عام 1996 حتى تم حله عام 1999، وكان حلاً دستورياً هذه المرة، وهكذا أجريت الانتخابات صيف 1999 وكان لذلك المجلس أن يكمل دورته حتى 2003، وفعلاً تم إجراء الانتخابات في تلك السنة، وكان مقدراً حسب القاعدة الرقمية لمجلس 2003 أن يتم حله قبل إكمال دورته، وهكذا كان، حيث تم حله عام 2006، على خلفية أزمة الدوائر الانتخابية وتم إجراء الانتخابات المبكرة في 2006.

وهكذا فإنه حسب القاعدة الرقمية المتواترة فإنه كان من المفترض أن يكمل هذا المجلس دورته من دون حل. أما وقد تمّ حله فقد كسر تلك القاعدة للأبد، ولم يعد لدينا القدرة على التنبؤ بعد حل المجلس الأخير، ولا أدري إن كان ذلك سلبياً أم إيجابياً، لكننا بالتأكيد قد تخلصنا من تلك القاعدة اللئيمة نهائياً. فلم يكن لها معنى أو أساس على الإطلاق.

كذلك تتجلى تاريخية الحل الأخير من حيث العدد بأن مرات الحل الدستوري تفوقت على غير الدستوري لأول مرة، ما يعني أن العرف السائد أصبح بذلك هو الحل الدستوري، وهذا ما يدعونا إلى إلغاء مصطلح الحل من الاستخدام والاستعاضة عنه بمصطلح الانتخابات المبكرة، فالثلاث الأخيرة كلها التزمت بقواعد الدستور على الرغم من وجود دعوات بالاتجاه الآخر.

أما البعد الثالث لتارىخية الحل الأخير فهو أنه فتح المجال من خلاله إلى إجراء انتخابات على أساس خمس دوائر، وهو ما سيحدث لأول مرة في تاريخ الكويت، أما إن كانت الدوائر الخمس ستفرز نواباً أفضل ممن سبقوهم فلذلك مبحث آخر.

كذلك فإن تاريخية الحل تتجلى وإن بدرجة أقل بأنها ستتيح المجال لإجراء ثاني انتخابات تشارك فيها المرأة التي يفترض أنها أصبحت أكثر استقراراً من حالة الاضطراب التي سادت الحل المفاجئ عام 2006، هكذا يفترض، أما ما سيجري على أرض الواقع فإن غداً لناظره لقريب.

هذه مجموعة من الاعتبارات التي جعلت حل المجلس أو الدعوة لانتخابات مبكرة هذه المرة تاريخية من دون منازع.

ومع ذلك فإن الحل والانتخابات بحد ذاتها قد لا تمثل لوحدها إلا هروبا إلى الأمام وإن لم يرافقها إرادة سياسية جادة وحزمة إصلاحات متكاملة وإلا فإن الأزمات ستعود مرة أخرى.