لفت الأنظار أخيراً، في السينما والدراما المصرية، ظهور فريق جديد من أبناء الفنانين في أعمال كثيرة ، والحق أننا لا نجد في ذلك ظاهرة جديدة، أو ما يمثل مشكلة حقيقية.

Ad

هل أبناء هؤلاء الفنانين يتمتعون بموهبة واستعداد وجدية؟ أم أنهم صعدوا إلى مسرح الفن لمجرد أنهم أبناء فنانين معروفين؟

أحدث الأفلام التي عرضت مؤخراً حمل هذه الظاهرة أحدها بعنوان «شارع 18» وفيه الممثلة الشابة «دنيا» إبنة الفنانين سمير غانم ودلال عبد العزيز وقد مثلت في الفيلم بتمكن واضح ـ كبطلة لأحداثه ـ متمتعة بوجه مريح وأداء مقنع.

أما في فيلم «لحظات أنوثة»، فرأينا «عادل» إبن منتج الفيلم محمد عشوب (وهو أيضاً ماكيير قديم معروف) رأيناه في أحد أدوار البطولة، بلا أية مقدرة على الإحساس بالشخصية، ومن دون امتلاك الحضور، بل ويتسم بكثير من الجمود والأداء بنبرة واحدة طول الوقت!.

مثل هذا الممثل الأخير لا يستطيع أن يستمر، ذلك لأن مجال التمثيل لا يستطيع أن يستمر فيه إلا الأصلح، وسيغيب عن المشهد غير المقنع، مهما حاولت أن تدفع به في لحظة البداية صلة القربة. فلا وساطة في الفن، على عكس معظم المجالات الأخرى، قد تصلح هذه الوساطة في لحظات البداية فقط، وقد تساعد القربة على تقديم الوجه الجديد إلى الجمهور في اللحظة الأولى، لكن هذا الجمهور هو الذي يحكم وهو الذي يقيِّم، وله النظرة كي يرضى أو يغض الطرف وكلمته هي الفيصل.

وليست تلك الظاهرة بجديدة أبداً، فقد أتاحت فاتن حمامة فرصة لابنتها نادية ذو الفقار لكنها عجزت عن الاستمرار، ولم يشجعها الجمهور على رغم محبته الكبيرة والصادقة التي غمر بها الأم دائماً.

وبدرجة أقل من الرفض استمرت غادة ابنة ماجدة، وهويدا ابنة صباح، وغيرهما.

هذا في الوقت الذي احتفى فيه الجمهور ذاته وساند على الدوام هالة ابنة الفنان فاخر فاخر، ومعالي ابنة الفنانة آمال زايد، وغيرهما.

فللجمهور نظرته وحكمه الذي لا يغيب ولا يخيب.

وفي الوقت الحالي، لم يتحمس الجمهور لمحمد إبن المخرج المرموق إسماعيل عبد الحافظ، بينما شجَّع عن طيب خاطر ومن دون تردد أحمد إبن الفنان المعروف صلاح السعدني.

وأحب هذا الجمهور كلاً من رانيا ابنة محمود ياسين وشهيرة، وريهام ابنة أشرف عبد الغفور، ولا يزال ينظر بعين التردد إزاء مي ابنة نور الشريف التي ظهرت في مسلسل «الدالي» بانتظار منحها فرصة أخرى لأن الدور لم يكن كافياً لتقييم نهائي.

العائلات الفنية، إذا جاز هذا التعبير، لها تاريخ قديم في الفن المصري والعربي على الإجمال، وبعض هذه العائلات قدَّم أكثر من عبقرية أو موهبة فنية ساطعة في آن واحد، مثل فريد الأطرش وأخته أسمهان، محمد فوزي وأخته هدى سلطان، سعاد حسني وأختها نجاة، سميرة أحمد وأختها خيرية أحمد، الأخوة ذو الفقار (عز ومحمود المخرجان وصلاح الممثل) وغيرهم، وفي الإخراج يوجد مثلاً شريف عرفة ابن المخرج الراحل سعد عرفة، وكلاهما بالطبع موهوب حقيقي، بل وتوجد حالة نظنُّها نادرة في السينما، متمثلة في الجد (أحمد جلال) والابن (نادر جلال) والحفيد (أحمد نادر جلال).

الفن مهنة، لا ينجح فيها الاّ من امتلك أدواتها وأخذ عمله بجدية لأن «التوريث»، دون استعداد واجتهاد، لا يفيد.