عن جولة بوش!!

نشر في 31-01-2008
آخر تحديث 31-01-2008 | 00:00
 صالح القلاب

كان على الفضائية إياها التي شنت حرباً شعواء على بوش أن تتذكر أنها تقع بين قاعدتين أميركيتين، كما قال لهذه الفضائية نفسها زميل كويتي صديق وعزيز، قبل أن تستجلب كل الألسنة والحناجر التي برسم البيع والإيجار لتشتم الدول التي زارها جورج بوش خلال جولته الأخيرة.

الحرب الشعواء، التي أعلنتها إيران على الرئيس الأميركي جورج بوش بعد جولته الأخيرة في المنطقة واستخدمت فيها كسرايا متقدمة الفضائية «العربية»!! المعروفة إياها وحركة «حماس» و«حزب الله» وتنظيمات وأشخاصاً يعيشون بطالة سياسية وهم دائماً وأبداً بانتظار عرس كهذا العرس ليرقصوا فيه، هي أنها أي هذه الحرب، موجهة في الحقيقة ضد دولٍ عربية خليجية من بينها المملكة العربية السعودية.

«إياك أعني وافهمي يا جارة» و«جوقة» الشتم هذه التي شكلت إيران بحججها وآياتها وأوليائها الفقهاء وبأموالها وأتباعها وفيالقها المنتشرة في أكثر من مكان «المايسترو» الرئيسي لها، كانت ولاتزال تتحدث عن جورج بوش، وهي تعني الدول التي زارها... فالرئيس الأميركي هو الذي اتخذ قرار مذبحة غزة قبل أن يعود إلى بلاده وهو الذي فسَّر قرار الجامعة العربية الذي ذهب به عمرو موسى إلى بيروت وتمسكت به «الأكثرية» كل هذا التمسك، وهو الذي قَلَبَ سافل هذه المنطقة فوق عاليها... لقد كرَّس يهودية الدولة الإسرائيلية وألغى حق العودة للاجئين الفلسطينيين، ولقد جاء ليتآمر على «حزب الله» وعلى المعارضة اللبنانية وبالطبع على «أصحاب حزب الله» والمعارضة اللبنانية.

لهذا الرئيس الأميركي وللولايات المتحدة في عهده أخطاء كثيرة ولا نقاش إطلاقاً في أن احتضان واشنطن القديم والجديد لإسرائيل جعلها بمنزلة إحدى الولايات المتحدة... إن هذه أمور معروفة وإنه ليس اكتشافاً للبارود من جديد ومرة أخرى الحديث عن انحياز الأميركيين لدولة «العدو الصهيوني»، لكن الابتعاد عن الغوغائية، التي تحكم ذهنية معظم القوى والتيارات الحزبية العربية التي بنعمة الله وبركاته اكتشفت أن إيران حريصة على قضايا العرب أكثر من العرب أنفسهم، يجعل الذين يتحلون بأدنى درجات الموضوعية يعترفون بأن جورج بوش هو أول الرؤساء الأميركيين في الإصرار على قيام دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل وهو أقْدم خلال زيارته الأخيرة على ما كان غير متوقع منه عندما وصف الإسرائيليين بأنهم محتلون وأن عليهم أن ينهوا احتلالهم للأراضي التي يحتلونها.

وعلى صعيد آخر فإن الولايات المتحدة بعد أن أصبحت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي الدولة الأعظم في العالم غدت «شراً لا مفر منه» وغدت حتى الصين بحجمها وإمكاناتها وخلفية منطلقاتها العقائدية ومواقفها السياسية مضطرة إلى وضع يدها بيد هذا الشر، فالمصالح هي التي تحدد العلاقات بين الدول، ولذلك فإنه إذا كانت مصلحة إيران تقتضي كل هذه التحشيد الذي تقوم به طهران ضد هذه الدولة التي منذ عام 1979 أصبح اسمها الفارسي «الاستكبار العالمي» فإن مصلحة الدول العربية التي زارها بوش تقتضي استقباله الاستقبال اللائق وتقتضي أن تهديه الهدايا التي يستحقها وأن ترقص معه رقصة «العرضة» وبسيوف ذهبية مرصعة بالألماس.

هل لأن بوش استثنى إحدى الدول الخليجية، التي لبلاده فيها أكبر وأهم القواعد العسكرية تصبح زيارته إلى الدول الأخرى معيبة وعاراً ما بعده عار وتصبح مؤامرة على الأمة العربية وعلى غزة وفلسطين و«حزب الله» وحلفاء «حزب الله»؟!

إن هذه ألاعيب مكشوفة وغوغائية ما بعدها غوغائية وكان على الفضائية إياها أن تتذكر أنها تقع بين قاعدتين أميركيتين، كما قال لهذه الفضائية نفسها زميل كويتي صديق وعزيز، قبل أن تستجلب كل الألسنة والحناجر التي برسم البيع والإيجار لتشتم الدول التي زارها جورج بوش خلال جولته الأخيرة والتي استثنى منها دولة لها في كل عرس قرص وتحشر أنفها في كل شيء وتصادق حسن نصرالله وشمعون بيريز في الوقت نفسه.

لقد سمع جورج بوش كلاماً جاداً في كل الدول التي زارها عن فلسطين وعن القدس وعن العودة واللاجئين وعن أن القضية الفلسطينية هي جوهر التوتر في هذه المنطقة وأنه من غير الممكن القضاء على الإرهاب والذين يساندونه ما لم تحل هذه القضية الحل العادل، وعلى أساس حق الفلسطينيين في تقرير المصير والتحرر وإقامة دولتهم المستقلة المنشودة... فهل هذا عار وعيب أم أن العيب أن تكون حتى بعض الدول بوجهين وموقفين أحدهما للمزايدات وصراخ الشوارع والآخر للحقائق والاتفاقات السرية؟!

* كاتب وسياسي أردني

back to top