Ad

جمع غفير من علماء ومثقفي الأمة تحاوروا في جلسات مطولة في البحرين استمرت حتى ساعات الليل المتأخر بروح نقدية مفتوحة، من أجل ما نعتقد أنها «الوديعة» الأهم والأثمن والأسمى والأكرم التي تركها محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وآله وسلم- أمانة في رقابنا منذ صعوده إلى الملأ الأعلى ألا وهي: الوحدة الإسلامية، وتحت راية «لا إله إلا الله محمد رسول الله».

كما عودنا المجتمع البحريني على الحيوية والإبداع دوماً كانت المنامة قبل أيام دوحة للحوار المفتوح والمنطلق نحو الأفق المشرق لمعالجة تحدٍّ هو اليوم من أخطر التحديات التي تواجهها المجتمعات الإسلامية، وأعني به تحدي «الوحدة الإسلامية» التي تتعرض في هذه اللحظة التاريخية إلى خطر الانهدام والتكسر على سندان الفتن المذهبية المتنقلة التي يهيجها الإمبراطوريون الجدد في أكثر من قطر وعلى أكثر من ساحة في بلاد الشرق المتآخي!

فقد تنادى ثلة من النخبة المسلمة من مختلف الأقطار الإسلامية بدعوة كريمة من جمعية التجديد والإصلاح البحرينية الرائدة في أعمال التجديد وعلى مدى ثلاثة أيام، إلى مناقشة أهمية التصدي لخطر التناحر المذهبي بين الفرق الإسلامية لاسيما بين السنّة والشيعة، وكذلك مكافحة خطر الفكر الطائفي المقيت الذي أخذ يستعر في هذه الأيام ويسري في جسم الأمة الإسلامية، وللأسف الشديد كالنار في الهشيم، بفعل دخول المستعمر الأجنبي على خط التخلف الحضاري الذي نعيشه أصلاً ليكرسه في مجتمعاتنا، وكأنه قدر لا فكاك منه بين المسلمين!

«فتية» آمنا برب واحد وقبلة واحدة وقرآن واحد وأب واحد ودين واحد، من مصر والمغرب والعراق وإيران وسورية ولبنان والسعودية واليمن والكويت وقطر وعمان وجمع غفير من علماء ومثقفي البحرين المبدعين والناشطين من أجل قضايا الأمة كما عودونا دوماً، تحاورنا في جلسات مطولة استمرت حتى ساعات الليل المتأخر بروح نقدية مفتوحة، ولكن بتناصح وتناصف من أجل ما نعتقد أنها «الوديعة» الأهم والأثمن والأسمى والأكرم التي تركها محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم أمانة في رقابنا منذ صعوده إلى الملأ الأعلى ألا وهي: الوحدة الإسلامية وتحت راية «لا إله إلا الله محمد رسول الله».

وقد ساد أجواء الاجتماعات أروع أشكال التعارف والتثاقف والتلاقح الفكري التي يمكن أن يشهدها مؤتمر ثقافي عقد في تاريخ المؤتمرات التي عرفتها خلال العقود الثلاثة من نشاطي على هذا الصعيد! وهو ما يعود فضله في الواقع إلى تلك الثلة المؤمنة من شباب وشابات البحرين الذين نذروا أنفسهم وأموالهم وأرواحهم وأوقاتهم وأوقات عيالهم، وكل ما يملكون من حيثيات لهذا المؤتمر الخطير! فكان التمويل ذاتياً وكان التخطيط ذاتياً وكان الإبداع الفني والأدبي والمسرحي والتصوير السينمائي الذي رافق أعمال هذا المؤتمر ذاتياً أيضا، إذ شارك الأب والأم والابن والابنة من كل فرد من أعضاء الجمعية في إنتاج هذه المهمة الخطيرة وبالتالي إنجاحها، ألا وهي التنبيه إلى ضرورة المحافظة على وديعة محمد بن عبدالله قبل فوات الأوان!

هذه المهمة التي حذر الداعية الكبير الدكتور فتحي يكن من أنها قد تكون الفرصة الأخيرة المتاحة بين يدينا بسبب وطأة المؤامرة الكبرى التي تتعرض لها أمتنا، والتي شرحها تفصيلاً من خلال رسالته الصوتية التي بعث بها إلى المؤتمرين من لبنان الحبيب بعدما تعذر حضوره بسبب الأوضاع الحرجة التي تعيشها بلاده، وهكذا فعل ونبه كل من أتى متجشماً عناء السفر من علماء أفاضل مثل الشيخ الجليل المرتضى بن زيد المحطوري من اليمن أو المفكر الكبير الدكتور حسن حنفي من مصر أو المفكر والناشط السياسي والبرلماني الملتزم الأستاذ أبو زيد المقرئ الإدريسي من المغرب أو العالمة والمفكرة القديرة ورائدة الحوار والتجديد الدكتورة عائشة المناعي من قطر أو العلامة القدير والناشط الإسلامي الكبير ورئيس المنتدى الإسلامي العالمي للحوار الدكتور حامد بن أحمد الرفاعي من السعودية، هذا ناهيك عما ساهم فيه علماء البحرين وأساتذة جامعاتها ورجال أعمالها من أمثال فضيلة الشيخ والوزير السابق علي فخرو ورئيس جمعية التجديد رضا رجب بالإضافة إلى إخوانه عيسى الشارقي وعباس النجار وجلال القصاب وغيرهم الكثير من نشطاء مجتمع البحرين الحي والساهر على وحدة الأمة، ووديعة محمد بن عبدالله إن شاء الله، رغم كل ما يدبر لهذا البلد العربي المسلم الشقيق من فتن ومشاريع شقاق ونفاق على شاكلة العراق أو لبنان، وهو ما يعد لكل قطر عربي أو مسلم، والذي لا نجاة منه إلا بالاعتصام بحبل الله المتين وتشكيل شبكة أمان الوحدة الإسلامية باسم «وديعة محمد» وهو ما أجمع عليه المؤتمرون في بيانهم الختامي في جملة ما نادوا به من توصيات تنبه علماء الأمة ليقوموا بواجبهم المرتجى لمواجهة الخطر الداهم، ألا وهو تفكك عرى التضامن والوفاق فضلاً عن الأخوة والاتحاد!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي- الإيراني