Ad

إن العرس الديموقراطي، كما يحلو لبعضهم نعته تحول في هذه الانتخابات إلى عرس فعلاً لكنه عرس الدم! فقد كانت الانتخابات الفرعية القبلية تتم جهارا نهاراً، تحت سمع وبصر الحكومة؛ من دون أن تحرك ساكناً سوى غض النظر عن ممارسة هذه الفعلة المشينة للديموقراطية الكويتية، النافية لحق المواطن في الاختيار الديموقراطي الحر!

* لست بحاجة إلى أن أكون منجماً عرافاً متحلقاً حول عدة الاستشراف والتنبؤ؛ لكي أحدس بنوعية العلاقة بين الحكومة القادمة الجديدة القديمة، والمجلس المنتخب! ذلك أن كل الوقائع والأحداث التي وقعت خلال الأيام الماضية: تشي بأن هذه العلاقة ستكون شديدة التوتر إلى حد قد يفضي بالوزارة إلى السقوط بسرعة «جلمود حطه السيل من عل» (أو من حسين، أو من مطلق، أو غلوم!» فضلا عن أنه سيؤدي إلى حل المجلس بحيث لا تقوم له قائمة إلا بعد لأي، وحين من الزمان قد يطول أو يقصر! فها هم أولاء العديد من النواب السابقين، والمرشحين الجدد الذين قوضت دواوينهم، يلوحون للحكومة بسيف الاستجواب ويهددونها بالويل والثبور مسبقاً، قبل تشكيلها، ربما لكونهم أخفقوا في إقناع السلطة بإلغاء قرار إزالة التعديات على أملاك الدولة المستباحة، أو تأجيله إلى وقت غير معلوم، ليصير مجرد حبر على ورق، كما جرت العادة! فالاستجواب هنا مطلق يستهدف بعض الوزراء الجدد بغض النظر عن هوياتهم وأسمائهم!

ولأن الجلسة الأولى يغلب عليها الطابع البروتوكولي، ومكرسة للخطاب الأميري فلن يتاح فيها للنواب الغاضبين فرصة إطلاق الاستجوابات من كل حدب وصوب! لكن الاستجوابات ستمطر على رؤوس وزراء الداخلية، والإعلام، والصحة العامة، وربما تكرّ سبحة الاستجوابات بحيث لا تُبقي ولا تذر أحداً من الوزراء... إلا من رحم ربي!

* فالمتضررون الرافضون إجراءات وزارة الداخلية الساعية إلى منع الانتخابات القبلية الفرعية، قد يقلبون ظهر المِجن للحكومة الرشيدة، رغم أن العديدين منهم في جيبها، ويقفون في صفها! ومن هنا نحسب جازمين بأن وزير الداخلية القادم سيتعرض للاستجواب بالضرورة، وإن كان معاليه جديداً، ولا يتحمل وزر سلفه! كما حدث في سوابق ماضية! ومن هنا أتمنى ألا تهرب «الرشيدة» إلى الأمام، بتكليف وزير جديد للداخلية، لاسيما أن هذا الهروب السلبي لن يمنع الاستجواب عن الخلف! وما دام الأمر كذلك، فلا مناص من استمرار تكليف الوزير الحالي ليجابه الاستجواب بنفسه، لاسيما أن عهده الميمون هو الذي جابه الفرعيات بجدية ذات أنياب!

إن العرس الديموقراطي، كما يحلو لبعضهم نعته تحول في هذه الانتخابات إلى عرس فعلا لكنه عرس الدم! فقد كانت الانتخابات الفرعية القبلية تتم جهارا نهاراً، تحت سمع وبصر الحكومة؛ من دون أن تحرك ساكناً سوى غض النظر عن ممارسة هذه الفعلة المشينة للديموقراطية الكويتية، النافية لحق المواطن في الاختيار الديموقراطي الحر! ولعل ذلك الموقف السلبي من قبل الحكومة تجاه هذه الممارسة اللاسوية، يفسر إصرار القبائل على المضي في إجراء الانتخابات، إلى حد بتنا نشعر أننا نشاهد مسلسلاً جديداً من حلقات المسلسل الكرتوني «توم أند جيري» حيث تماهت القبيلة مع «جيري» الفار المستضعف، وبالتالي لا مناص من أن تلعب وزارة الداخلية دور القط «توم» ما غيره! لكن الواقع الموضوعي الذي يدب على الأرض فعلا وممارسة يختلف بداهة عن الواقع الفني المترع بالخيال والشطح! وفي عالم الكرتون المدهش فإن العبد لله يناصر «جيري» كما هو دأب «الجُهّال» الأطفال! أما في عالم الواقع فإنه منحاز إلى موقف «توم» الداخلية من دون تردد، وإن كنت أعتقد أن مهمة التصدي لهذه الظاهرة السيئة؛ كان يمكن احتواؤها بمنأى عن استخدام عدة وعتاد القمع والقوة! ذلك أن هذا المنحى الصارم لم يمنع الانتخابات إياها من الحدوث! زد على ذلك أنه أدى إلى رد فعل تجلى في الصدام بين المواطنين والشرطة بصورة عنيفة غير مسبوقة! ومن هنا أيضاً تكمن أهمية التوعية المستمرة المستهدفة لإخوتنا وأبنائنا المنتسبين إلى القبائل، إلى حين يقتنع القوم بأن ممارستهم خاطئة جداً، تصل إلى حد الخطيئة! ويبدو لي أن ممارسيها يستحوذ عليهم اعتقاد واهن يتبدى في «بدونة» الديموقراطية لتكون الأخيرة «بدوقراطية» حسب تعبير أخينا الصديق الدكتور «محمد الرميحي»! والأنكى من ذلك هو ظنهم أن ممارستهم لا غبار عليها ولا «طوز» لا ديموقراطي يشينها، كونها في ظنهم تشبه تصفيات الأحزاب الأميركية لانتخابات الرئاسة! وفاتهم أن التقليد الأميركي قانوني وديموقراطي ودستوري، فضلا عن أن انتماء القبائل الأميركية وحميتها وغيرتها تكون للوطن أولا وأخيراً. لكن القوم أصروا وقاموا بإجرائها بطرق مبرقعة ومنقبة، لكنها لم تفلح في ستر الفعلة النكراء! أما التهديد بإجرائها خارج الحدود، كما نشر في صحف الأسبوع الماضي، فإنه يتناسى حقيقة أن الخطيئة لا تكون فضيلة إذا فعلوها في صحراء الدهناء والصمان، أو في بادية الشام، نهاية بصحراء سيناء!

أما قانون «ضرورة» الردة الكائن في قانون منع التجمعات والحريات العامة السيئ الذكر، فإنه وارم بالتأزيم وطافح بالاستجوابات، وتنسحب عليه مقولة: حدّث ولا حرج! وهذا ما سنفعله الأربعاء القادم بالضرورة!