هل الحل بالحل؟!

نشر في 30-08-2007
آخر تحديث 30-08-2007 | 00:00
 د. ساجد العبدلي

العامل الأهم لإعانة المرحلة السياسية القادمة من عمر الكويت على النجاح والاستقرار، هو ظهور قانون لتنظيم شؤون القوى والجماعات السياسية العاملة في الساحة، فهذا التكاثر الكبير للجماعات وللفعاليات السياسية الشعبية، سيبقى يحوي في داخله فتائل أزمات وعناصر تأجيج، إن هو بقي على غوغائيته وانعدام تنظيمه ومتابعته.

منذ أشهر، وعلى خلفية إحدى أزماتنا السياسية التي نسيت أي واحدة كانت هي بالضبط، كنت ضيفاً على تلفزيون «الراي»، وقبل دخول الاستديو وأثناء سيري مع مقدم البرنامج الزميل أنس المجالي، سألني على سبيل التحضير للقاء ما الحل في رأيك؟ فأجبته بلا تردد: أعتقد أن الحل قد يكون في حل مجلس الأمة حلاً دستورياً، وإجراء الانتخابات وفقا للدوائر الخمس الجديدة لعلها تأتينا بوضع سياسي جديد ومختلف في السلطتين التشريعية والتنفيذية! أذكر أنه استغرب حينها لأن الجو السياسي العام آنذاك كان معاكساً لفكرة حل المجلس، لكن الظريف أن الزميل المجالي لم يكن يتوقع أن أقول الكلام ذاته على الهواء مباشرة، فسألني السؤال نفسه مجدداً في البرنامج، ففاجأته بإعادة نفس الإجابة.

الزميل الدكتور غانم النجار، وفي مقاله أمس تحت عنوان «بطة عرجاء» أشار إلى الفكرة نفسها، حيث قال إن أقرب المخارج المطروحة أمامنا للنجاح في حل أزماتنا السياسية المتكررة والمتشابكة هو رحيل المجلس والحكومة معاً من خلال حل دستوري، وتفعيل الدوائر الخمس بما قد يخلق واقعاً سياسياً جديداً، لأنه أقل المخارج تكلفة وينسجم مع روح الدستور ومستلزمات تطوير التجربة وتفعيلها.

أتفق تماما مع د. النجار، وأتصور أنه قد حانت، من دون أدنى شك، لحظة تدخل صاحب السمو أمير البلاد لإيقاف هذا التدهور المستمر بلا توقف خلال الأشهر المتطاولة الماضية على الأصعدة كلها وفي المجالات التنموية المختلفة، فصاحب السمو الأمير، وهو المهيمن دستورياً فوق السلطات كلها، بيده أن يضغط زر الإيقاف وإعادة التشغيل لواقعنا السياسي وفقاً لصلاحياته الدستورية، علَّ أوضاعنا جميعها تعود لتبدأ على أساس أكثر وضوحاً واستقراراً.

لكنني كذلك أؤمن بأن العامل الأهم لإعانة المرحلة السياسية القادمة من عمر الكويت على النجاح والاستقرار، هو ظهور قانون لتنظيم شؤون القوى والجماعات السياسية العاملة في الساحة، فهذا التكاثر الكبير للجماعات وللفعاليات السياسية الشعبية، وإن كان في شكله العام سمة إيجابية تتلازم مع الحراك الديموقراطي النشط في كل مكان في العالم، فإنه سيبقى يحوي في داخله فتائل أزمات وعناصر تأجيج، إن هو بقي على غوغائيته وانعدام تنظيمه ومتابعته.

لابد من ظهور قانون واضح يرتب شأن النشاط السياسي للجماعات القائمة حالياً وتلك التي ستظهر في المستقبل، وذلك وفقا لمواد الدستور ومذكرته التفسيرية وتماشياً مع روح نظامنا الديموقراطي، وأن يضع هذا القانون إطاراً واضحا للنشاط السياسي يعالج سلبياته وينمي إيجابياته لدفع مسيرة التنمية للبلاد.

إما هذا وإلا فإن بلادنا سرعان ما ستعاود الدخول في عالم التشابكات السياسية والنزاعات المستمرة بلا هوادة!

back to top