حوار طرشان!!
لن تُعقَد جلسة الخامس والعشرين مـــن هذا الشهر ولن يسمح المتحالفون مع حلفاء «فسطاط الممانعة» لقوى الرابع عشر من آذار بإيصال الأمور إلى جلسة اليوم العاشر الذي يسبق انتهاء ولاية الرئيس واليوم العاشر الذي يسبق انتهاء ولاية هذا الرئيس، الذي لا يريد أن تكون لولايته نهاية، هو يوم الخامس والعشرين من نوفمبر المقبل... فهل يا ترى سيصمد الإناء الزجاجي اللبناني «المشعور» إلى حين حلول هذا الموعد الدستوري؟!
لا يشبه حوار اللبنانيين «المعارضة» و«الموالاة»، الذين يتحاورون من مواقع التخندق في المواقف المختلفة والمتصادمة، إلا حوار الطرشان، فهؤلاء يقولون أشياءً لا يسمعها الآخرون ولا يريدون سماعها، وأولئك يوردون حججاً ومبررات يواجهها الموجَّهةُ إليهم بالاستهزاء وبمد ألسنتهم... وهكذا، وكأن هذا البلد المبتلى بموقعه وتعدديته وبأطماع أبناء العمومة والأشقاء فيه ذاهب إلى الانهيار والدمار والعودة للحرب الأهلية. ما جنس الملائكة، هل هم ذكور أم إناث... ومن الذي كان أولاً هل هي البيضة أم الدجاجة، ويمضي الجدل عقيماً بلا أي جدوى وبلا أي نتيجة ولا أي هدف بينما حوافر خيول العثمانيين، القادمين من الشرق برشاقة الأمة الصاعدة التي تكلِّمُ الآخرين بلغة الرماح والسيوف، تقرع أبواب القسطنطينية بقوة. كلهم يتحدثون بلغة جميلة وكلهم يرفعون شعار الحفاظ على لبنان وصون وحدته وإغلاق أبوابه أمام التدخلات الخارجية... و«المعارضة» تستخزي الشيطان ألف مرة عندما تسمع ذكر الحرب الأهلية و«الموالاة» تضرب كفاً بكفٍّ عندما يقال لها إن الأمور ذاهبة إلى خيار الرئيسين والحكومتين، ولذلك فإن الاستحقاق الرئاسي سيكون كارثة مؤكدة مادام أن كل طرف يتكلم بلغة لا يفهمها الطرف الآخر أو يتظاهر بعدم فهمها على أقل تقدير!! السيد نبيه بري رئيس مجلس النواب عرض مبادرة تعجيزية إن هي قبلها «الموالون»، (بعجرها وبجرها)، فإن هزيمتهم ستكون مدوية وإنهم سيخسرون الدنيا والآخرة، ثم إن هم رفضوها واستمروا في رفضها، فإن الخيار الأسوأ قادم لا محالة، وإن كل الحلول المعقولة ستفرُّ من بين يدي لبنان، وإنه على اللبنانيين أن يبدؤوا بحزم حقائبهم وأمتعتهم استعداداً لهجرة قد تكون أبدية ونهائية هذه المرة. رئيس مجلس النواب، الذي مـن المفترض أنه حارس الدستور والشرعية والسلطة التشريعية، دعا إلى جلسة في الخامس والعشرين من هذا الشهر لكنه يخاطب «موالاة» الرابع عشر مـــن مارس متوعداً بأنه لا افتتاح لهذه الجلسة ما لم يتوافر نصاب الثلثين، وأنه لا توافق على الرئيس التوافقي إلا بنصاب الثلثين، وأنه لا انتخاب لهذا الرئيس إن تم التوافق عليه إلا بأغلبية الثلثين... وليخسأ الخاسئون ولتذهب مادة النصف زائد واحد الدستورية إلى الجحيم. ما المتوقع حصوله في الأيام القليلة المتبقية حتى موعد الخامس والعشرين من هذا الشهر مادام أن «المعارضة»، وعلى رأسها نبيه بري وحسن نصرالله وميشال عون والنجم الصاعد سليمان طوني فرنجية، تتهم السنيورة والحريري وجنبلاط وجعجع والجميِّل، ومن لفَّ لفهم، بأن ألسنتهم ألسنة أميركية وصهيونية وأن الاستكبار العالمي هو الذي يحركهم وأنهم يستهدفون القلعة السورية الصامدة في وجه إسرائيل ومن يخيط بمسلتها ويستهدفون أيضاً قلعة «أولموت» التي استبدلت بحسن الصباح و«حشاشيه» الرئيس المحروس بالعناية الإلهية محمود أحمدي نجاد!! لن تُعقَد جلسة الخامس والعشرين مـــن هذا الشهر ولن يسمح المتحالفون مع حلفاء «فسطاط الممانعة» لقوى الرابع عشر من آذار بإيصال الأمور إلى جلسة اليوم العاشر الذي يسبق انتهاء ولاية الرئيس واليوم العاشر الذي يسبق انتهاء ولاية هذا الرئيس، الذي لا يريد أن تكون لولايته نهاية، هو يوم الخامس والعشرين من نوفمبر المقبل... فهل يا ترى سيصمد الإناء الزجاجي اللبناني «المشعور» إلى حين حلول هذا الموعد الدستوري...؟! لا يوجد أي بصيص أمل على الإطلاق حتى ولو أن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير نصب خيمة جوار خيام المجاهدين الذين تركوا الجنوب، بعد أن حققوا الانتصار الإلهي في حرب صيف العام الماضي وجاؤوا بخيامهم إلى ساحة رياض الصلح في بيروت... حتى لو أخرج الأميركيون فيليب حبيب من قبره وكلفوه بحل هذه المعضلة كما كان حل معضلة ترحيل ياسر عرفات وقواته عن لبنان في عام 1982... لا بصيص أمل في نهاية النفق المظلم... وإن الحوار الجاري الآن لا يشبهه ولا يكون مثله إلا حوار الطرشان!!* كاتب وسياسي أردني