في طريق عودتي إلى البيت على الطريق الدائري الرابع، شهدت اللحظات التي تلت الحادث المروري الذي أودى بحياة ثلاثة مقيمين- منهم زميلان في جريدة «الأنباء»- وأدخل رابع العناية المركزة، وحاولت استنتاج أسباب الحادث ولكن لم يطرأ على بالي السبب الحقيقي، ففي سردها لتفاصيله قالت إحدى الصحف أن سائق السيارة الأولى كان مسرعاً، وعندما اقترب من الكاميرا أبطأ سيارته بشكل مفاجئ ليتفادى تصويره فاختل توازنها وفقد السيطرة عليها، ما أدى إلى انقلابها باتجاه الجانب المعاكس من الطريق واصطدامها بالسيارة الثانية.

Ad

لطالما قلت إن وزارة الداخلية بأساليبها لتطبيق قوانين المرور هي تكافئ المخالف وتعاقب الملتزم، والأمثلة كثيرة منها المطبات التي تردع المسرعين على حساب إتلاف سيارات الملتزمين، والكابح الذي يعاقب المخالفين على حساب تعطيل السير والازدحام الذي يدفع ثمنه الملتزمون، ولكن لم أتخيل أن تتسبب تلك الأساليب بقتل الناس كما فعلت كاميرا الدائري الرابع، ولا ندري إن كان لإطارات السيارة دور في اختلال توازنها، إذ إن الدور الرقابي على معايير السلامة شبه غائب وهناك مافيا في الشويخ الصناعية تسترزق على حساب أرواح الناس.

يجب ألا تمر تفاصيل الحادث دون معالجة، فعندما تتسبب أداة وضعت للحفاظ على حياة الناس بإهدارها فهناك خلل، رغم أنه من المفترض أن تكون وزارة الداخلية قد استوعبت الخلل مسبقاً، حيث تشير إحصاءاتها إلى عدم انخفاض عدد الحوادث وضحاياها ومصابيها رغم ما يسمى بـ«التطور» في أساليب الوزارة خلال العقد الماضي، ولا يكاد يمر يوم دون رؤية حادث، بينما في السنوات السبع التي قضيتها في أميركا لم تتعد الحوادث التي رأيتها عدد أصابع اليدين، والسر يكمن في استغلال أفراد الشرطة في ملاحقة المستهترين والجدية في تطبيق القانون بدلاً من تركيب الكاميرات والمطبات والكوابح التي مهما كانت «تكنولوجيا حديثة» فإن تذاكي الناس عليها يفوق حداثتها بكثير.

ما الذي يمنع وزارة الداخلية من توزيع خريجي أكاديمية الشرطة الذين يفوقون الألف سنوياً في الشوارع لتطبيق القانون سوى الكسل والتسكع في المكاتب؟ وما الذي يمنع الوزارة من معاقبة أفرادها المتسيبين سوى عدم الجدية في تطبيق القانون؟ إن كان الوزير لا يعرف مدى التسيب فيكفيه ورقة وقلماً يرصد بهما في طريقه من البيت إلى العمل كم مخالفة تقاعس أفراد وزارته عن رصدها وتحريرها، وكم مخالفة ارتكبها أفراده أنفسهم، فالوزارة مهمتها بالدرجة الأولى حفظ الأمن وصون أرواح الناس، وليس فقط تجنيساً وتصريحات إعلامية.

Dessert

مازلنا لا نعرف ما الإجراء الذي اتخذ بحق من احتفل بإطلاق النار أمام مرأى قيادات وزارة الداخلية في مسابقة هجيج الإبل التي رعاها وحضرها رئيس جهاز «الأمن» الوطني.