نواب السلف... ووحل السياسة!!

نشر في 16-01-2008
آخر تحديث 16-01-2008 | 00:00
 سعد العجمي

لأن المنطق والعقل يقولان إن الأحكام الشرعية والفتاوى تجعلان الموقف «الديني» ثابتاً، بينما الموقف «السياسي» متحرك ومتغير في أسوأ الأحوال، فإننا نتساءل هنا: أين الرادحون من موقف السلف في طرح الثقة عن الصبيح؟ لماذا لم يسنّ المطبّلون شفارهم؟ ولماذا جفّ حبر أقلامهم؟ أليس السلف من صوّت ضد الحقوق السياسية للمرأة باعتبارها ولاية عامة؟

ما سأكتبه اليوم ليس دعوة إلى النواب لمنح الثقة إلى الوزيرة نورية الصبيح يوم الثاني والعشرين من يناير، في المقابل هو ليس تحريضاً على الصبيح بقدر ما هو محاولة لتسليط الضوء على مواقف بعض الكتل والمجاميع السياسية من هذه القضية الخلافية.

قلنا في المقال السابق إن جماعات «الردح السياسي» كما أسميناها، لم تتناول الاستجواب تشخيصاً وتحليلاً كحدث، بقدر ما ركزت على موقف كتلة العمل الشعبي منه، حتى بات يخيل للقارئ أن «حشد» هي من قدّم الاستجواب وليس سعد الشريع، وذلك انسجاماً مع مواقف تلك الجماعات من التكتل في انتهازية واضحة ومفضوحة في نفس الوقت.

ولأن المنطق والعقل يقولان إن الأحكام الشرعية والفتاوى تجعلان الموقف «الديني» ثابتاً، بينما الموقف «السياسي» متحرك ومتغير في أسوأ الأحوال، فإننا نتساءل هنا: أين الرادحون من موقف السلف في طرح الثقة عن الصبيح؟ لماذا لم يسنّ المطبلون شفارهم؟ ولماذا جفّ حبر أقلامهم؟ أليس السلف من صوّت ضد الحقوق السياسية للمرأة باعتبارها ولاية عامة؟ أليس السلف نواباً وناشطين قد أعلنوا البراءة من النائب السابق عواد برد لمجرد تصويته مع القانون آنذاك؟ لقد تناست «جماعات الردح» كل هذه الحقائق في خضم الفُجْر في الخصومة مع «الشعبي» ونوابه وكأنه لا يوجد «في هذا البلد... إلا حشد»، وبالتالي فقد اتضحت الحقيقة الكاملة، ومفادها أن الأهواء الشخصية والمصالح الضيقة، لا القناعات والثوابت، هي من يحرك أقلام البعض.

وكون «أهل مكة أدرى بشعابها» ومنخفضاتها، وربما بـ«الصفقات» التي تتم خلف هضابها، فإنني سأدلل هنا بما كتبه الناطق الرسمي للحركة السلفية بدر الشبيب في الزميلة «عالم اليوم» يوم أمس ص 28 تحت عنوان «لله ثم للتاريخ» حيث ذكّر النائب السلفي أحمد باقر بموقفه من حقوق المرأة، وأورد فتاوى دينية لكبار علماء الدين في السعودية كابن باز وابن عثيمين اللذين يتبعهما السلف في الكويت، والتي تحرّم منح المرأة الحق السياسي لأنه ولاية عامة، وهو المبرّر الذي اتخذه نواب السلف للتصويت ضد القانون عندما طرح، لنتفاجأ اليوم بأنهم يخالفون قناعتهم العقائدية، عبر منح الثقة إلى الصبيح، من أجل المصالح الانتخابية والسياسية وهو ديدن جماعات الإسلام السياسي للأسف، التي استماتت للحصول على «اجتهاد» ديني لتبرر به رفضها إسقاط قروض المواطنين، بينما ضربت فتوى «الولاية» بعرض الحائط.

على كل حال فعندما سيصوت مسلم البراك ومحمد الخليفة ومرزوق الحبيني مع طرح الثقة، وربما يخالفهم أحمد السعدون، فإن مواقف نواب «الشعبي» هذه تنسجم مع قناعاتهم السابقة باعتبار السعدون كان مؤيداً لقانون حقوق المرأة بعكس زملائه الثلاثة، بينما الكارثة تتجسد في من ارتدى عباءة الدين في 16 مايو 2005 وسيقذف بها يوم الثلاثاء القادم حسب ما تقتضيه لغة المكاسب لا الثوابت.

عموماً أتمنى ألا تنخدع الوزيرة نورية الصبيح وفريقها النيابي الداعم لها، بأن موقف السلف هذا دعم للمرأة، بل هو موقف انتهازي يعكسه تصريح نائبهم علي العمير الذي قال فيه أخيراً إن المرأة يجب أن تدعم الرجل لا أن تنافسه على مقاعد المجلس... فهذه هي نظرة نواب السلف إليكنّ أيتها النسوة، أما فريق الإسلام السياسي الآخر «حدس» فإن أردت أن تتعلم فنون الانتهازية والازدواجية والتكسب واللعب تحت الطاولة والمساومة، فالأمر لا يتطلب منك إلا دقائق معدودة في زيارة فقط إلى قلعة «الروضة» الشامخة التي تسمى جمعية الإصلاح، والتي تحمل من الإصلاح اسمه فقط.

back to top