يمكن اقتراح مشروع عمل وطني يفي بأساسيات أطروحة شاملة للتنمية تحتوي الجدية والدقة وتوفر ما يمكن توفيره من أموال من خلال إنشاء فريق عمل لا يضم الفاشلين في مواقعهم السابقة، على الأقل، وأن توكل إليهم مهمة وضع برنامج تنموي حقيقي.كل صاحب ضمير حي يكن لهذا البلد المحبة والولاء يتحسر على الضياع الذي نعيشه جراء الافتقار الى برامج التنمية والترهل الذي أصاب قلب الخدمات الأساسية في الكثير من القطاعات، حيث بات الجميع يرغب في الحصول على العلاج في الخارج، ومعظم الأسر تتمنى لأبنائها التعليم في القطاع الخاص، والكل يعيش هاجس القطع المبرمج للماء والكهرباء في عز الصيف... كل ذلك بعد نصف قرن من الاستقلال في بلد من أغنى بقاع الأرض!
وما يدعو للحسرة والألم أن هناك مئات من اللجان الحكومية وعشرات المجالس العليا على امتداد عقود من الزمن يفترض قيامها بإعداد الخطط والدراسات والبرامج الكفيلة بخلق مستقبل أفضل لهذا البلد، وقد استنزفت الملايين من الميزانية العامة للدولة على شكل مكافآت وبدلات ومصاريف ونثريات بمحصلة نهائية مفجعة وكارثية.
وإذا كانت تلك اللجان، في حالة حسن الظن بها، قد أعدت من الأطروحات والحلول الجديرة بالاحترام ولم يؤخذ بها فلماذا تم الصرف عليها بتلك المبالغ الخيالية؟ وأما إذا كانت عديمة الجدوى فلماذا لم تتم محاسبة رؤسائها وأعضائها بجريرة الاستيلاء على أموال الدولة دون وجه حق؟!
ولعل ما يثير الغضب الشديد أيضاً استمرار هذه المسيرة الفاشلة وبقاء مثل هذه اللجان والمجالس التي تفتحت من خلالها العيون ونمط التفكير على المزيد من سوء الاستغلال، حيث استطاع العديد ممن تسللوا إليها أن يخلقوا لأنفسهم شبكات نفوذ وخارطة مصالح عبر مكاتب استشارية ومراكز دراسات خاصة وبمباركة مسؤولين كبار لاستنزاف ملايين أخرى من الدنانير، بل وصل الأمر ببعضهم إلى حد التباهي إعلامياً واجتماعياً بأنهم الأخلص من أبناء هذا البلد وأن غيرتهم الوطنية فقط تدفعهم إلى التفاني في عمل المزيد من تلك الدراسات من أجل الكويت؟!
لا شك أن برامج التنمية مطلب مصيري ومهم، بل إن ما نحتاج إليه فعلاً هو إعادة بناء البلد من جميع النواحي، وهذا يستوجب جهوداً ورجالاً وأموالاً، ولكن في الوقت نفسه يفترض أن تكون هذه الإرادة مبنية على مقومات الجرأة والشجاعة وتحمل المسؤولية، فمن المعيب أن نستشهد دائماً بنجاح الكثير من التجارب الحية والباهرة من حولنا، بل في كل مكان في العالم حققها الجميع ما عدا الكويتيين!!
ومن هنا يمكن اقتراح مشروع عمل وطني يفي بأساسيات أطروحة شاملة للتنمية تحتوي الجدية والدقة وتوافر ما يمكن توفيره من أموال من خلال إنشاء فريق عمل لايضم الفاشلين في مواقعهم السابقة، على الأقل، وان توكل إليهم مهمة وضع برنامج تنموي حقيقي يتفرغون لإنجازه وفق جدول زمني محدد ويكون قابلاً للتنفيذ بآليات عملية ومؤشرات واضحة للتقييم وقياس ترجمته على أرض الواقع مع تطبيق مبدأ الثواب والعقاب على القائمين على إعداده، وبموازاة ذلك يفترض أن تجمد جميع اللجان والمجالس الشكلية القائمة ما دامت عديمة النفع ولأن البلد يمشي «على البركة» بوجودها أو عدم وجودها!!