واشنطن ستسعى جاهدة إلى تسويق «مؤتمر الخريف» بإصرار لتحقيق رؤيتها، فهل سينجح المؤتمر من دون تسويات مسبقة بشأن قضايا مصيرية كملف اللاجئين والحدود؟تأملنا، كما تأملت مصر، باحتضانها اجتماعاً لوزراء خارجية «دول الاعتدال» في شرم الشيخ، أن يكون خطوة جادة لإحياء مبادرة السلام «الأصلية»، التي عانت التهميش فترة ثم أصبحت محور الاهتمام الدولي بعد الحلقات الأخيرة من مسلسل «الإخفاق» المتمثل في العدوان الإسرائيلي على لبنان في العام الماضي، والبحث عن بوصلة الخروج من أزمة العراق في العام الحالي.
ولا يخفى على أحد أن واشنطن والاتحاد الأوروبي معاً، يمسكان بنسبة كبيرة من خيوط القضية، فجاء اقتراح الرئيس بوش بانعقاد مؤتمر دولي انطلاقا من «رغبة» في دفع الأطراف الإقليمية وحلفائها «الشرق أوسطيين» لتطبيق (ومن يدري فقد يصبح «تطبيع») عملي لعملية السلام في المنطقة.
ولنتوقف هنا لحظة أمام الملف الفلسطيني، لا شك أن المتابع للقضية لا يملك إلا أن يتذكر المراحل والتحديات التي مرت بها الأزمة، أولاها: وعد بلفور الذي «أعطى من لا يملك لمن لا يستحق»، تلتها مراحل أخرى تمثلت في موجات متتالية من الهجرة اليهودية المكثفة إلى فلسطين، أحيطت بالدعم المالي الممزوج بالتواطؤ الدولي مع الحركة الصهيونية، بعد ذلك برزت منظمة التحرير الفلسطينية كممثل وحيد للشعب الفلسطيني، في جو من الحروب وعدم الاستيعاب الاستراتيجي العربي.
وهنا أذكر دور الكويت وقتها، كعضو غير دائم في مجلس الأمن، في بناء جسر عربي ودولي لتوصيل الصوت الفلسطيني للعالم أجمع، وبعدها بثلاثة عشر عاماً، دخلت القضية الفلسطينية مرحلة الدبلوماسية المتعثرة برهانها على قضايا خاسرة ذلك بتأييد رئيس منظمة التحرير صدام في غزوه الكويت، ثم السير على خرائط طرق مختلفة وضبابية الرؤية بسبب استمرار الخوف من شبح التفريط في الحقوق من ناحية والحصار الدولي العنيف الذي فرض على «حماس» بعد وصولها عبر صناديق الاقتراع إلى لسلطة من ناحية أخرى.
الجديد في الموضوع هو استشعار البعض بأن الوقت قد يكون مناسبا للوصول إلى صيغة مقبولة للدولة الفلسطينية المستقلة، استنادا إلى عاملين أولهما هو تغيير عقيدة إسرائيل من عدم القبول بدولة فلسطينية مستقلة إلى دخول مرحلة التفاوض، وبالمناسبة تابعت قرار وزيرة التعليم الإسرائيلية إدخال مصطلح «النكبة»، وللمرة الأولى، إشارة إلى أحداث عام 1948، بدلا من «حرب الاستقلال». والآخر هو استعداد بعض الفصائل الفلسطينية للتفاوض بعد سنوات من الرفض. خلاصة القول إن واشنطن ستسعى جاهدة إلى تسويق «مؤتمر الخريف» بإصرار لتحقيق رؤيتها، فهل سينجح المؤتمر من دون تسويات مسبقة بشأن قضايا مصيرية كملف اللاجئين والحدود أم ستطفو مخاوف دول «عدم الاعتدال» على سطح لجان جامعة الدول العربية في ما يخص هوية «العدو الجديد» في المنطقة؟
***
كلمة أخيرة... رسائل حملة «ترشيد» الهاتفية المكتوبة التي أطلقتها وزارة الكهرباء تشوبها أخطاء لغوية... ونحن في انتظار جهود التربية في إطلاق حملة... «تصحيح» للوزارات كافة!