سارة أكبر لـ الجريدة: الكويت تنتج 4 ملايين برميل يومياً شرط توافر الإمكانات البشرية والتقنية نائب رئيس مجلس إدارة كويت إنيرجي: لا جدوى اقتصادية من مشروع حقول الشمال حالياً إلا إذا كانت الكويت مستعدة للتخلي عن حصتها للشركات

نشر في 06-11-2007 | 00:00
آخر تحديث 06-11-2007 | 00:00
No Image Caption

أكدت نائب رئيس مجلس إدارة شركة كويت انيرجي للطاقة سارة أكبر أن بعض القيادات النفطية والتي عملت سنين طويلة تفتقر إلى الخبرة النفطية، وذلك بسبب الطريقة الملتوية التي استخدموها للوصول إلى مناصبهم، وأوضحت أكبر من خلال حوار شامل لـ«الجريدة» أن الكويت بحاجة إلى وزير شجاع يفصل بين منصب رئيس مؤسسة البترول ووزارة النفط، وأن يحتفظ فقط بمنصب وزارة النفط.

• ما تعليقك على من يقول ان جميع الوزراء من عام 1990، وباستثناء واحد، كانوا عديمي الخبرة في الامور الادارية والفنية والاقتصادية وليست لديهم خلفية في الامور النفطية؟

لاتندهش إذا علمت أنه حتى بعض القيادات النفطية، التي عملت سنين، تفتقر الى الخبرة النفطية، وهي بسبب الطريقة التي وصلوا بها الى مناصبهم، ولكن ليست هذه هي المشكلة وانما الربط بين منصب الوزير السياسي وبين منصب رئيس مؤسسة البترول، الذي يحتاج الى ان يكون فنيا والوزير هو من يمثل الكويت في «اوبك» ويكون مسؤولا عن سياسات الوزارة وعن العلاقة ما بين القطاع النفطي والحكومة ولا يحتاج الى ان يكون فنيا او تكنوقراطيا، وان كان يحبذ ان يكون كذلك، ولكن يمكن تجاوز ذلك اذا كان انسانا مخلصا، فهناك وزراء مثل الشيخ سعود الصباح والشيخ فهد الاحمد وعادل الصبيح لم يكونوا وزراء فنيين ولكن استوعبوا في فترة وجيزة احتياجات القطاع وفهموا القطاع النفطي، ولو استمر احدهم الى الان لانجز الكثير، ونحن في الكويت بحاجة الى وزير شجاع يفصل بين المنصبين، ويحتفظ فقط بدور وزير النفط.

• في السنوات العشر الاخيرة هناك قياديون لعبوا دورا في خلق الشللية والصراعات المستمرة في الكثير من الادارات النفطية، ما رأيك ؟

المجتمع الكويتي مبني على قضايا الشللية والمحسوبية والطائفية والقبلية، ولا يوجد مفر من ذلك ولا يمكن عزل القطاع النفطي عن هذه القضايا، وللاسف فقد اثرت في مؤسسات الدولة بشكل عام، والقطاع النفطي ليس استثناء.

• ألا تعتقدين ان صورة وسمعة الكويت تشوهت في الاوساط العالمية بسبب القرارات الفردية من الوزراء من دون الرجوع الى الفنيين؟

القطاع النفطي يعاني بشدة من عدم قدرته على الوصول الى الاهداف التي وضعت له وبالفعل علاقة الكويت مع الشركات العالمية في النفط ليست في احسن حالاتها، والسبب هو عدم القدرة على اتخاذ القرار في كل القطاع النفطي من دون استثناء، ويرجع ذلك الى التدخل الواضح من جميع الجهات سواء كانوا تجارا ومقاولين ووزراء ونواب مجلس الامة، وهذه التدخلات بدورها تعرقل اتخاذ القرار وتجعله صعبا جدا، وللاسف اصبح من يتخذ القرار يفكرر الف مرة بسبب الضغوطات، والخوف من الخطأ اصبح اكبر من الجرأة في اتخاذ القرار الصحيح، والوضع اصبح مأساويا، ولن تتحسن الامور الى ان يأتي وزير للنفط تكون لديه القدرة والشجاعة بفصل الوزارة عن مؤسسة البترول ويعطيها الصلاحيات الكاملة للعمل كشركة تجارية بحتة، وان يحمي ويمنع التدخلات من قبل الوزراء ونواب الامة.

• يقال ان القطاع النفطي اصبح محطة تجارب للوزراء ولبعض القيادات النفطية، ما رأيك؟

هذا الكلام غير عادل... ولكن المشكلة لاتكمن في الوزراء، وانما هناك خلل هيكلي في القطاع النفطي، ويجب اعطاء الحرية للشركات لكي تعمل كمؤسسات تجارية، وان تنزع عنها البيروقراطية الموجودة حاليا.

• هل الحل من وجهة نظرك للنهوض بالقطاع النفطي هو تحويله الى قطاع خاص؟

نعم، اعتقد ان افضل وسيلة لادارة القطاع النفطي هي التحول الى قطاع يدار كشركة تجارية، لان القطاع في الوقت الحالي اصبح كحال القطاعات الاخرى في الدولة، بينما القطاع النفطي بحاجة الى ان يعمل وفق اسس تجارية لكي ينجح، وهذا الامر مفقود في الوقت الحالي.

• ولكن قانون الخصخصة معطل في مجلس الامة منذ اكثر من 10 سنوات، وانت تقولين الحل بخصخصة القطاع النفطي، واذا لم يخصص الى متى يبقى الوضع كذلك؟

نحن اليوم في حاجة الى قوانين تحرر وتنظم القطاع النفطي وعلى نواب الامة اليوم ان ينصب تركيزهم على قانون للنفط الغائب عن تفكيرهم، كما ان القانون عندما يوضع في كل دول العالم يتم تحديثه وفقا للتطورات والمستجدات، وليس كما يحدث في الكويت يتم وضع قانون من سنة الخمسينيات «وينامون عليه» ويتم تجاهله، لان من المفروض ان يكون القانون تقدميا ومستقبليا لكي لا يكون عائقا للتقدم، وللاسف في الكويت لايوجد قانون ينظم العمل النفطي بصورة شاملة بدليل ان هناك قانونا في مجلس الامة والمسمى بالمظلة النفطية الذي يعطي الحق للشركات النفطية الاجنبية للاستثمار في القطاع النفطي، وهذا قانون من وجهة نظري قاصر. لاننا في بلد نفطي ويجب ان يكون هناك قانون ينظم كل القطاع النفطي، والكل يعلم انه كانت هناك معركة بين وزارة النفط ومؤسسة البترول لتحديد الاختصاصات والاولويات، فهل يعقل ان دولة مثل الكويت تخطط لانتاجها النفطي على مدى 30 عاما شركة النفط وليست وزارة النفط، واذا نظرنا الى الدول المجاورة نرى الاهتمام الان في العراق ينصب على قانون النفط، وكل الدول في العالم تجدد في قوانينها النفطية كل 3 سنوات ما عدا الكويت التي نوابها منشغلون بتطبيق قانون عمل المرأة في الليل، ويتجاهلون القطاع النفطي!

• أنت ترمين الكرة في ملعب مجلس الامة هل بالفعل هو السبب وراء تردي القطاع؟

مجلس الامة اصبح معوقا للتنمية بشكل عام في الدولة، وهذا ليس انتقادا للديموقراطية فهي شيء ايجابي، ولكن التطبيق يتم بشكل غير صحيح، واثر حتى في نفسيات المواطنيين بسبب الشد والجذب بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

• هناك استراتيجية لرفع انتاج الكويت لـ4 ملايين برميل يوميا، هل في ظل هذه المعطيات الحالية يمكن ان نصل الى هذا الرقم؟

أتوقع انه بالامكان الوصول الى هذا الرقم لوجود الامكانات المالية، ولكن لا توجد لدينا امكانات بشرية فهي محدودة ووسائل التكنولوجيا ايضا ليست متوافرة، فاذا كنا نطمح الى الوصول الى هذا الرقم فعلينا الاستعانة بالشركات الاجنبية.

• احتياطيات النفط هي ركيزة اساسية للاقتصاد الكويتي، وقد اعتمدت ارقام متعددة منها 100 مليار برميل و48 مليار برميل و132 مليار برميل، وعلق احد الكتاب الصحفيين على ذلك بـعنوان «احتياطي النفط الكويتي جم اقول»، ما هو تعليقك وما الالية لحساب الاحتياطي؟

الاحتياطيات للشركات النفطية غير مستقرة على رقم معين، بل ارقام مختلفة، لان التعامل هنا مع مادة موجودة في اعماق ومكامن نفطية مختلفة، واستخلاص هذه الاحتياطيات يعتمد على عوامل مختلفة منها توفير تكنولوجيا مناسبة واسعار النفط العالمية، وقد يستغرب البعض انه مرتبط بالاسعار العالمية، لان الاحتياطي عبارة عن رقم اقتصادي وليس فنيا والاحتياطي عبارة عن كمية النفط المنتجة من اي مكمن وهذه الكمية تختلف حسب الاقتصادات والتكنولوجيا المستخدمة، فعلى سبيل المثال اذا كان سعر البترول 10 دولارات وهناك مكامن نفطية فيها ملايين البراميل النفطية وتكلفة انتاج البرميل اكثر من سعره في السوق فهل يمكن في هذه الحالة ان يتم احتسابه احتياطيا نفطيا؟، بينما اذا كان سعر البرميل 20 دولارا فيمكن ان يكون مجديا اقتصاديا لانتاج البرميل، وفي هذه الحالة يمكن احتسابه من ضمن الاحتياطي، فرقم الاحتياطي واحتسابه مرتبط بسعر النفط. ولنأخذ مثالا اخر لاي شركة عالمية نفطية مدرجة في السوق العالمي، فهناك انظمة وقوانين موجودة تلزم الشركة بتحديد الاحتياطي لديها من خلال تقرير سنوي، وهذا مبني على اسعار النفط في فترة اعداد التقرير في 31 ديسمبر من كل سنة، فاذا كان البرميل بسعر 50 دولارا فهو الذي يقاس عليه الاحتياطي، ويتم اعلانه في البورصة والشركات التي لديها 100 مليون برميل في عام 2000 الان لديها 200 او 300 مليون برميل بسبب تغير سعر النفط، فمن هذا المنطلق فان احتياطيات الكويت تضاعفت بسبب ارتفاع اسعار النفط والرقم لم يتم توضيحه الى الان، ومن يقول نفط الكويت «بجم اقول»، فهو قصور لمعلومات عامة الناس عن فهم ما هو رقم الاحتياطي النفطي، وما المتغيرات التي تؤثر في هذا الرقم.

• الكثير يطالب بمشروع حقول الشمال وانه سيزيد من الاحتياطي النفطي للكويت بنسبة 70% وانت ذكرتي في لقاء صحفي رفضك للمشروع، لماذا؟

انا عملت في مشروع حقول الشمال منذ بدايته عام 1993 الى عام 2000، وكان شغلي الشاغل، لذا فمن وجهة نظر اي شركة نفطية هو غير مجد اقتصاديا، لان هناك فترة طويلة ما بين التفكير والتنفيذ وصلت الى 15 عاما ومن البديهي ان هناك مستجدات كثيرة تغيرت ففي بداية المشروع كانت حقول الشمال تنتج 400 الف برميل، وكانت الفكرة ان تصل في عام 2005 الى 900 الف برميل، وهنا كانت الفكرة بأهمية الاستعجال في تطوير هذه الحقول، الا ان المشروع ادخل في متاهات سياسية وتجاذبته الاطراف، ولم تقف شركة نفط الكويت متفرجة الى حين اقرار المشروع، بل قامت بتنفيذ برامج في حقول الشمال وتم حفر الكثير من الابار واصبح المشروع غير مجد، لان الاستثمار في الحقول تم من قبل شركة نفط الكويت والسؤال هنا ماذا ستفعل الشركات او تضيف؟ فهل يعقل ان نأتي بشركات لرفع الانتاج من 700 الف برميل الى 900 الف برميل؟ فمن يطالب بهذا المشروع لا يعلمون ما التطورات التي تمت وعليهم ان يسألوا شركة نفط الكويت هل ما زالوا يحتاجون الى شركات اجنبية لانتاج 900 الف برميل؟ فالجواب سيكون لا، لانه من الصعب ان تخرج الشركة بنموذج اقتصادي عادل يناسب الكويت والشركات للاستثمار في حقول الشمال حاليا، الا اذا كانت الكويت مستعدة للتخلي عن حصة كبيرة للشركات.

• ما تعليقك على التقاعد المبكر في القطاع النفطي؟

التقاعد المبكر «جريمة» في حق القطاع النفطي، وكان من باب اولى اعفاء الاشخاص غير المرغوب فيهم، والقطاع بعد هذا القرار اصبح «مهلهلا» ومن دون كوادر مدربة او ذات خبرة، وللاسف هذا الموضوع كان بسبب الخلافات والتدخلات في القطاع النفطي، والان نفتقر وبشدة الى الكوادر الجيدة في الكويت، واعتقد ان الحل يكون بيد جميع المتنفذين الذين يفرضون اشخاصا غير اكفاء على رقاب العاملين، لان التدخلات بالفعل افسدت اهم القطاعات في الكويت.

• ما رأيك في التغييرات الاخيرة في الشركات النفطية؟

كانت التغيرات مفاجأة ولم افهم اسباب هذا التغيير، وربما هناك امور خافية علينا واجهل الاسس التي تمت على اثرها عملية التغيير، واعتقد ان هناك ضغوطا سياسية، وكان واضحا ان لديهم مأزقا في التغيير، وكان الحل الوحيد هو التدوير بين القيادات.

• خطة 2020 للقطاع النفطي هل من الممكن تطبيقها في ظل هذه المعطيات؟

انا اعرف ان سعد الشويب منذ ان كان في شركة صناعة الكيماويات البترولية حريص على وضع الخطط وتنفيذها واتوقع انه سيعمل على التغيير في الشركات النفطية، واشبه الشويب بسعد البراك الذي استطاع ان يخلق مؤسسة عالمية مثل «زين»، واتمنى ان يغير الشويب مؤسسة البترول وتصبح شركة ذات كفاءة عالية واداء عالمي.

• كيف تصفين القطاع النفطي الكويتي مقارنة مع قطاعات النفط في الخليج؟

نحن متأخرون عنهم لان الشركات النفطية في الخليج ابعدت التدخلات والضغوط عنها، اما نحن ففشلنا في ذلك، وكانت النتيجة انهم سبقونا في التطوير، واصبحت شركاتهم متميزة ومواكبة للتطورات.

«6 نوفمبر وإطفاء آخر بئر»

استذكرت سارة أكبر الفترة التي شاركت فيها مع الفريق الكويتي في إطفاء الآبار النفطية التي اشعلها النظام العراقي البائد، ويصادف اليوم 6 نوفمبر ذكرى اطفاء آخر بئر نفطية في عام 1991.

وقالت ان الفريق الكويتي كان لديه الاصرار وروح الحماس والتحدي لانجاح العمل ولاسيما بعد التحرير، إذ كانت الروح المعنوية مرتفعة والكل اصبح يدا واحدة للتخلص من آثار الغزو، وكان العمل نموذجا رائعا لحب الوطن، لأن الفريق كان يتكون من جميع الاطياف الموجودة في المجتمع الكويتي، ولم تكن ثمة عوائق كما نرى في هذه الأيام بسبب انتشار الشكلية والطائفية والقبلية التي ساهمت في عرقلة القطاع النفطي في الكويت.

رسائل

• نواب مجلس الأمة: اتمنى ان ينظروا بجدية الى وضع قانون شامل للقطاع النفطي ويبادروا إلى دراسة الوضع وتنظيم العلاقة بين المؤسسات التي تعمل في القطاع النفطي، وتنظيم العلاقة مع القطاع الخاص والشركات الاجنبية.

• المسؤولون في القطاع النفطي: لاتلعبوا سياسة وحافظوا على ثروة الكويت النفطية والبشرية.

• الصحافة: نحتاج إلى ثقافة نفطية على مستوى العامة، لان معرفة الناس محدودة، فالمعلومات في الصحافة الكويتية تفتقر الى الابجديات في المعلومات النفطية، واهتمامهم فقط بالتغييرات الادارية وهي ليست كل شيء.

back to top