ما نقص مال من صدقة جلبت الملايين فأين إصلاح جمعيات الخير؟
وجوه قديمة ومركزية مُعوِّقة... والتدريب والتواصل في ضعف واضح
أموال الجمعيات الخيرية تأتي في معظمها من واجبات دينية للمسلم، تذهب إلى ما يسمى بالجمعيات الخيرية، وهي بذلك ناقلة لتلك الأموال، وبناءً على هذه القاعدة، فإن الجمعيات بحاجة إلى نقد ذاتي علني يشارك فيه صاحب المال ومن يديره.
ارتبط ملف جمعيات العمل الخيري منذ تنفيذ العمل الإرهابي في الولايات المتحدة بتاريخ 11 سبتمبر 2001 وبشكل متلازم وقسري بالشبهات والتوجس من طابع عمل هذه الجمعيات، وكم الأموال الكبير الذي تجنيه من وراء الواجبات الدينية للمسلمين، او تلك المتأتية من التبرعات والهبات الخاصة. ولئن كان هذا الربط قد أتى بكثير من الظلم على هذه المؤسسات ورتب نتائج كارثية، بشهادة جهات محايدة على متلقي تلك المساعدات، لكن فائدة كبيرة ايضا حصلت من جراء ذلك الحدث الذي هز العالم في ذلك التاريخ. لقد أصبح ملف العمل الخيري اليوم تحت المجهر في الحوار الوطني المحلي، وعلى مستوى البلدان العربية والاسلامية «خصوصا الخليجية منها »، ومن المفيد ان يستمر هذا الحوار في اطار فرض مزيد من التطوير الاداري والمهني والشفافية لمرفق يتعامل بشكل يومي مع ملايين الدولارات، لكن لماذا يجب ان يكون هناك حوار وشفافية في هذا الملف؟ هناك أسباب بديهية، وأخرى فرضتها نتائج «11سبتمبر»، ولعل من المناسب ان يتم نقاش عمل الجمعيات الخيرية، وأخذ الموضوع بعين الاعتبار. وعن الأسباب البديهية، فنحن نعلم حجم الملائة المالية التي تتمتع بها الجمعيات الخيرية، الذي نعتقد أن بعض الحكومات لم تكن على دراية قبل 11 سبتمبر، واستنادا إلى ذلك فهناك اسباب أخرى يجب طرحها للمناقشة وهي: 1- هل من المفيد فصل العمل الخيري التطوعي عن النشاط السياسي الحزبي للجماعات الإسلامية؟ 2- هل يفيد تغيير يافطات الجمعيات باتجاه محايد من خلال نزع صفة «الدين الإسلامي» عنها لتكون أعمالها مركزة على الغوث والمساعدة للجميع ومن دون شعار؟ 3- كيف يمكن الاستفادة من الخبرة الدولية في تعريف ماهية المنظمة الخيرية غير الحكومية، وتحديدا خبرة البنك الدولي والأمم المتحدة؟ 4- كيف ستساهم إجراءات الشفافية في تنمية العمل الخيري في بلداننا، بمعنى ان تكون المؤسسات ذاتها أكثر حرصا على سمعتها من ذي قبل؟ 5- كيف يمكن تنمية العمل الخيري، وجعله مؤسسة ذات فعالية مؤثرة بين قاعدة عريضة من المواطنين سواء المتطوعين والعاملين فيها، أو متلقي المساعدات؟ وبعيدا عن تفاصيل أخرى، كيف يمكن ان نمهد للعمل الخيري طريقا للاهتمام بحقوق الانسان بعيدا عما فرضته تداعيات العمل الإرهابي في 11 سبتمبر؟ وكيف لهذه المؤسسات ان تحمي نفسها من التحديات الداخلية والخارجية؟ تشير الدراسات المتخصصة في العمل التطوعي الخيري الى ان عدد الجمعيات غير الحكومية في دول مجلس التعاون الخليجي زاد منذ عام 1996 حتى 2004 من 327 جمعية الى ما يزيد على الـ 500 جمعية، تعمل في مجالات تنموية متعددة وينخرط فيها أكثر من 90 ألف متطوع، وبحسب تقرير سنوي صادر عن مركز ابحاث الخليج لعام 2004، فإن الجمعيات الخيرية تحديداً بلغ عددها 38 جمعية موزعة كالتالي: السعودية «11» جمعية، الامارات «9» جمعيات، الكويت «8» جمعيات، البحرين «6» جمعيات، قطر «4» جمعيات. وترسم دراسة رسمية قطرية صادرة عن أمانة مجلس الوزراء، ملامح ما يمكن أن نطلق عليه أمراض العمل الخيري الخليجي السابقة على حديث الإرهاب ومكافحته، وأولها العائق التشريعي بسبب النقص في بعض القوانين التي يمكن ان توفر دعما محليا ودوليا للجمعيات، اضافة الى التسهيلات والمنافع الخاصة بالحصانة والحماية التي تتمتع بها جمعيات اغاثة غربية كثيرة، وهناك عائق تمويلي يتعلق باعتماد الجمعيات على التمويل الفردي والهبات، وهو ما يؤثر كثيرا على ضعف الخطط الاستراتيجية، في ما لو كانت موارد الجمعيات شبه ثابتة او معتمدة في نسبة كبيرة منها على التمويل الاستمثاري، ويضاف العائق الثقافي المتمثل في ضعف الاقبال على التطوع، وتغلغل فكرة العمل الاجتماعي في ذهنية الناس؛ ليكون عاملا مساعدا يؤثر في اتجاه التأثير المحدد بين قطاعات التجمع. وغني عن القول ان عدم الاهتمام بالتنظيم المؤسسي، واختلال اجراءات التنسيق الافقي والعمودي بين المؤسسات وداخلها يؤدي الى الوقوع في ما نعتبره أخطاء وأحيانا شبهات. ولعل افتقار منطقة الخليج العربي حتى اليو م الى مظلة واحدة تعمل تحتها عشرات الجمعيات الخيرية يعد دليل عجز في تنظيم مرور مليارات الدولارات داخل وخارج المنطقة. ويلخص باحث يمني «محمد عطية» في ورقة علمية عن تمويل العمل الخيري نشرت في 2004، التحديات الداخلية للمؤسسات الخيرية، ويصفها بـ«الضعف المؤسسي، وضعف جودة التنفيذ للمشاريع الخيرية، وضعف التواصل مع المتبرعين، وضعف تأهيل الكادر الوظيفي، وضعف الرقابة على الأموال»، الأمر الذي يزيد من الشكوك وانتشار الشائعات، لكنه يضيف أن حزمة أخرى من العقبات التي فرضت على العمل الخيري ومنها الضغط الغربي لتجفيف منابع تمويل مؤسساته بحجة مكافحة الإرهاب، والتضييق على التبرعات والتحويلات المالية للمؤسسات الإسلامية أدت إلى نتائج لم تكن محسوبه كتصفية مؤسسات خيرية نشيطة او وضعها تحت المراقبة أو وصفها بالإرهاب، إضافة الى الحملات الاعلامية المنظمة ضد العمل الإغاثي الإسلامي في الدول الغربية، ومنع بعض الدول منح تأشيرات دخول الطاقات الميدانية أو الأكاديميين لحضور مؤتمرات عن هذا الشأن. لقد طرحت ضغوطات الحكومة الاميركية عبر اشتراطات وزارة الخزانة العديد من القضايا التي تورط العمل الخيري فيها بالنهاية، وذلك بتورط العديد من البنوك، فهناك 5000 بنك تتلقى تعليمات الخزانة الاميركية بشأن احكام الرقابة المالية على حركة الاموال، وتنفيذ تعليمات خاصة مثيرة، تتعارض مع ابسط قواعد السرية، التي هي رأسمال البنوك، ونتج عن ذلك ايضا تورط البنوك في جهود دولية فرضت عليها كواجب وخصوصا بعد عام 2003، إذ تبلورت خطة الرقابة على حركة التمويل القادم من الجمعيات الخيرية، ومن ذلك شروط المنظمة الدولية لمكافحة الارهاب «40 شرطا» يجري اليوم تطبيقها في جميع البنوك العالمية لمكافحة غسل الاموال، التي لا يمكن الحزم بعدم قدرة المجرمين والارهابيين على تمريرها عبر البنوك او الانترنت، ويمكن القول ان اجراءات الحكومة الاميركية وتعاون المجتمع الدولي ودول المنطقة - مجبرة - ساهمت في تحجيم ايرادات العمل الخيري، والحد من حرية حركته ولاسيما بعد عام 2003 كما ذكرنا، وبالامكان هنا الاطلاع على الطلبات المفصلة التي قدمت للحكومة الكويتية وحكومات خليجية اخرى، لغرض فرض مزيد من التحكم في حركة الاموال والطلب الرسمي الذي قدم للمؤسسات الخيرية الكويتية عبر وزارة الخارجية للحصول على الوثائق والبيانات المالية والادارية لـ 3 سنوات مضت «منذ عام 2006». وقد وضعت هذه الاجراءات الحكومات الخليجية في حرج كبير مع المواطنين من قادة العمل الخيري، الذين طالما غضت عنهم البصر، هذا فضلا عن ان بعض من اصحاب الجمعيات والمبرات ينتمون الى الاسر الحاكمة في بلدانهم، مثل مؤسسة الشيخ زايد بن سلطان للاعمال الخيرية، التي بلغ انفاقها على المشاريع الداخلية عام 2004 «24 مليون دولار»، او تتبع رجال اعمال مشهورين كجمعية بيت الخير لرجل الاعمال الاماراتي المعروف خليفة النابوده، ومؤسسات ومبرات خيرية اخرى في دول خليجية. ومن دون شك فإن على حكومات الدول التي ترعرع فيها العمل الخيري واجبات ضرورية تجاهه، واولها تنظيمه وهيكلته ومساعدته في صد كثير من التهم التي قد لا تكون صحيحة، وتهيئة مراكز معلومات عن هذا النشاط المهم، وبذل الجهود من اجل الحماية القانونية له، والتدقيق في اختيار المسؤولين عنه، لكن في المقابل، فإن على العاملين في هذا المجال مسؤوليات اهم وأثقل، منها تحديد اولوياته، وتجنب الاخطاء القاتلة في جمع التبرعات، وتشجيع التحالفات بين الجمعيات متشابهة الاغراض، وفصل العمل السياسي عن العمل الاغاثي، والدخول في مجالات تنموية أوسع من المجالات الكلاسيكية التي تعمل فيها هذه الجمعيات، كالاهتمام بالشباب والتعليم والثقافة العامة في مجالات البيئة وحقوق الانسان والعولمة، فالناظر الى العمل الخيري والتطوعي في الدول المتقدمة يجده اليوم شريكا للقطاع الحكومي والتجاري الذي اصبح له جامعاته ومراكز بحوثه ومستشفياته ومدارسه. والاهم من كل ذلك هو نشر مفهوم جديد للعمل الخيري يقوم اساسا على اعتباره من مقومات تطور المجتمع وخدمة اغراضه ومتطلباته، وليس كونه مجهودا يقوم به افراد. أسئلة للوزير • لماذا تأخر الأخذ بقرار اعتماد مكتب تدقيق الحسابات الذي اعلنت عنه وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل للمراقبة المالية على الجمعيات الخيرية؟ ولماذا يكتفى فقط بالتقرير المالي والاداري لتلك الجمعيات؟ • ما مدى صحة تحويل الجمعيات الخيرية لقيمة التبرعات الخارجية إلى حسابات أشخاص بغرض حجبها عن رقابة الدولة؟ مفهوم العمل الخيري لا يقتصر العمل الخيري في الكويت على الجمعيات ذات الطابع الديني والارشادي، بل يتعداه الى جمعيات اخرى كالهلال الاحمر الكويتي، والجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية، وجمعيات اخرى، ولذلك فإن كلمة عمل خيري لا علاقة لها بالمؤسسات التي تعتمد في خطابها على الدين. أبرز الجمعيات الاسلامية التي تقوم بالعمل الخيري 1 - جمعية الاصلاح الاجتماعي 2 - جمعية النجاة الخيرية 3 - جمعية احياء التراث الاسلامي 4 - جمعية الشيخ عبدالله النوري 5 - جمعية العون المباشر 6 - جمعية التكافل لرعاية السجناء 7 - صندوق اعانة المرضى 8 - جمعية بشائر الخير 9 - الهيئة الخيرية الاسلامية العالمية 10 - الجمعية الكويتية للرعاية الاسلامية 11 - هيئة الخير 12 - مبرة الاعمال الخيرية 13 - الجمعية الخيرية الكويتية 14 - جمعية اهل البيت الخيرية 15 - الجمعية الكويتية للرعاية الاسلامية 16 - جمعية ساعد اخاك المسلم 17 - جمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر