هذا البدويّ الآتي من شمال القلب،

Ad

حاملاً ملء أصغريه (قلبه ولسانه) صدق وعفوية الصحراء،

تستدل عليه -كما الصحراء- بتلك النجوم المزهرة في سمائه،

ببيوت الشعَر المسافرة أعمدتها باتجاه المزن،

والضاربة أطنابها في عمق الأرض.

منذ أن عرفت الحميدي.. وهو ذاك البدوي الأصيل..

يمارس طقوس الغيم بكل تجلي،

فحين أتى لساحة الشعر الشعبي

(وذاك زمن شحيح بهدايا الوَسم.. زمن المحل)

استطاع هو وقلة من أمثال الثميري يرحمه الله وابن جعيثن أطال الله عمره وأبقاه لنا...

استطاع هؤلاء أن يجمعوا أسراب القطا حول غدرانهم العذبة

وأشجارهم المورقة الوارفة..

ويهيئوا للربيع مناخاً للعطاء .. والمطر!

ولم تك بالمهمة السهلة..

ولأنها ليست كذلك، تصدى لها أناسُ من أمثال هذا البدوي الجميل،

وكان مايميز الحميدي أنه:

كريم حد الخبل..

صادق حد الانتحار..

طيب حد السذاجة!!

فتح قلبه وبيته للشعر قبل أن يفتحهما للشعراء

كان بيته منتدىً «غير رسمي» للشعر، وكذلك كان قلبه،

تلك الشقة في حي السليمانية في الرياض كانت إحدى «بيوت الشباب» التي لم ترعاها حكومة ما، ولم تتكفل بتخصيص إعانة لها،

ومع ذلك كانت تغص دائما بالمقيمين والزوار.

ساهم الحميدي ببناء خيمة الشعر في هذه المنطقة، وشد أوتادها

توزع عطاؤه بين إعلام مرئي ومسموع ومقروء

حمل قناديل الشعر ليلاً، وأوقد نار الصهيل زمن برد الصمت

ونسج من وَبرِ الحب عباءةً، تدفأت في حضنها صغار العصافير.

زيّن الأفق ببوحه الرقيق..

وساهم في تجميل الفضاء الضيق!

✽ ✽ ✽

تحية وفاء منا للحميدي الحربي..

وتحية في ذات الوقت لزمانٍ جاد لنا بمثله

وأهدانا إحدى عطاياه الكريمة،

زمان لايشبه هذا الزمان

وشعراء لايشبهون هؤلاء الشعراء

وعطاء سيبقى أثره طويلاً.

✽ ✽ ✽