ساجد والمسلم والصرعاوي... كنموذج إسلامي!!

نشر في 05-09-2007
آخر تحديث 05-09-2007 | 00:00
 سعد العجمي

إن ما يجمع الإسلاميين مع غيرهم في القوى الأخرى، هو أكثر بكثير مما يفرقهم، على اعتبار أن الخلاف في الفروع لا في الأصول، ولذلك فإن الباب مشرع لمزيد من التقارب والالتقاء في الأولويات السياسية على الأقل تحت شعار أهم، وهو «المصلحة الوطنية».

في مقاله أمس حول مطالبة التيارات الإسلامية بتعديل المادة الثانية من الدستور، يقول الزميل الدكتور ساجد العبدلي «بعضهم يظن أن الشريعة تتمثل فقط في رؤية جماعته للدين، وأن كل الرؤى الأخرى ليست من الشريعة في شيء، وبعض آخر من الإسلاميين وغيرهم يختزل الشريعة في مسألة الحدود والعقوبات الشرعية بشكل سطحي بشع، ويغفل أن أوجب واجبات الشريعة هي الحريات واختيار السلطة والعلاقة بين الحاكم والمحكوم وحقوق الأمة في التعبير والحياة بكرامة»، الجزئية الأخيرة من هذا الاقتباس تعني باختصار «الديموقراطية»، وهي الكلمة التي لم يذكرها الدكتور ساجد!، لكنني سأقفز على ذلك إلى ما هو أهم، من وجهة نظري، وأعني شجاعة الزميل في تشخيص نطرة الإسلاميين ودوافعهم الحقيقية لتعديل المادة الثانية من الدستور، التي كشفت مدى انجرار التيارات الدينية خلف بريق العمل السياسي وانغماسهم في مستنقعه، وهو ما جعلهم يتنازلون عن قناعتهم الفكرية لدرجة قاربت الكفر بها.

وبعيداً عن التوقيت والأهداف السياسية التي أطلقت «الحركة الدستورية» بموجبها «فقاعة» المطالبة بتعديل المادة الثانية، وهو ما أثار الدكتور ساجد على ما يبدو، فإن الغوص في أعماق التيارات الدينية بتوجهاتها كافة، والولوج في دهاليز مفاهيمها وآرائها حول الدستور أو حتى الشرع، من قبل كاتب إسلامي ينتمي أولاً وأخيراً اليها، سيكون أكثر مصداقية وشفافية في تشخيص مواقف تلك التيارات من أي قضية خلافية مطروحة.

الدكتور ساجد في مقاله شذ عن حالة عامة كان شعارها، ولا يزال «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً» يعيشها أغلب الكُتاب الإسلاميين لدينا، إما لجهل، وإما نكاية بالتيارات الأخرى التي يختلفون معها أيديولوجياً، وهي بالمناسبة خطأ يقع فيه بعض الكتاب الليبراليين أيضاً.

لذلك، فإن ما ذكره الزميل ساجد في مقاله أمس، وما يطرحه في بعض مقالاته، قد يكون مشجعاً لبعض الكتاب الإسلاميين الاخرين للخروج من سجون بعض المعتقدات، التي تسعى قيادات تياراتهم الى إبقائهم حبيسين داخلها، بينما هي تجني ثمار ارتمائها في أحضان السلطة عبر تحقيق مصالح سياسية واقتصادية شخصية.

ولأن ما يجمع الإسلاميين مع غيرهم في القوى الأخرى، هو أكثر بكثير مما يفرقهم، على اعتبار أن الخلاف في الفروع لا في الأصول، فإن الباب مشرع لمزيد من التقارب والالتقاء في الأولويات السياسية على الأقل تحت شعار أهم، وهو «المصلحة الوطنية»، ولدينا نموذج من واقعنا السياسي الحي يؤكد أن هذا الشعار قادر على استيعاب الجميع ، يتمثل في النائبين فيصل المسلم وعادل الصرعاوي، فرغم كونهما إسلاميين، فإن ذلك لم يمنعهما من مد جسور التعاون مع الكتل كافة، حتى التي تحمل فكراً ليبرالياً منها، بل إن الصرعاوي والمسلم غردا كثيرا خارج سرب الكتلة الإسلامية في عدد من القضايا السياسية المرتبطة بالاصلاح والرقابة وحماية المال العام، حتى بات من الصعب تصنيفها سياسياً، لكن السهل هو أنهما بهذا النهج المعتدل والمتوازن، يصنفان كأحد أهم المكاسب للمؤسسة البرلمانية الكويتيه في السنوات الأخيرة.

* * *

برنامج تسعين دقيقة، الذي عرض على قناة المحور، وخصص لمناقشة موضوع تعذيب المصريين في الكويت، وتضمن مداخلات من بعض الكتاب في صحافتنا، أثبت لي أن هناك من يسيء إلى الكويت بدفاعه عنها، عبر طرح ساذج وعقيم، وأن القضايا الكويتية التي يتناولها الإعلام في الخارج يترافع عنها محامون فاشلون للأسف.

back to top