حل البرلمان... قادم قادم!
حَلّ مجلس الأمة ليس خياراً رائقاً للحكومة، بل هو ليس سوى أحلى الخيارات المُرّة أمامها، لأنها في النهاية لا تدري ما سيفضي إليه، فلعل حَلّ هذا البرلمان «غير الأليف» سيؤدي إلى تشكل برلمان «متوحش»!
أنا سعيد جدا بالاستجوابين... استجواب النائبين علي العمير ووليد الطبطبائي للوزير عبد الله المعتوق، واستجواب ضيف الله بورمية لبدر الحميضي، ليس لأنهما حملا أسئلة ثقيلة ومادة قوية، ولا لأن هذين الوزيرين بالذات يستحقان الصعود على منصة الاستجواب. ليس هذا هو السبب على الإطلاق ولم يكن ليعنيني بشيء، فمتى كانت «لعبة» الاستجوابات عندنا ونتائجها ترتبط بهذا؟! لا يحتاج الأمر استجوابا قويا ليسقط وزير ويخرج من الحكومة، ولا وزيراً قوياً ليفشل استجواب وتخيب مساعي من خلفه... الأمر حساباته مختلفة عن هذا تماما، وكلنا نعلم ذلك!أنا سعيد من باب «اشتدي يا أزمة تنفرجي»، بالرغم من أنه باب لا يستعذب الكثيرون الولوج منه لأنه ضيق حرج، ولكن أليس كل ضيق يعقبه فرج؟ وكل انحدار إلى القاع لا يعقبه إلا الارتفاع، طال الزمان أو قصر؟ أنا سعيد لأن هذه الاستجوابات ستفسرها الحكومة على أنها عدم تعاون من قبل البرلمان، وستؤدي به إلى الحل الدستوري!أوضاعنا المأزومة التي لم تنفك تقوم من عثرة لتسقط في حفرة، وتخرج منها لتهوي في هاوية، لم يساعد في حلحلة تعقيداتها أي شيء مما هو متاح. لا حكومة الشيخ ناصر المحمد «الإصلاحية» حققت شيئاً، ولا البرلمان «القوي» فعل شيئاً، ولا الريوع والفوائض المالية المهولة لارتفاع أسعار البترول نفعت جماعتنا في عمل شيء. وما أراه هو أن هذه التعقيدات باتت تحتاج إلى «نفضة قوية»، وأقوى ما يرتجى من جماعتنا وفق ما تتيحه لهم بصائرهم وإمكاناتهم الحالية، أن يتم إعادة التركيب والتشغيل من الصفر مجدداً... تشكيلة برلمانية جديدة، تعقبها حكومة جديدة أيضاً... لعل وعسى! بالطبع كنت آمل بتغيير سياسي أكبر وأعمق من ذلك بكثير لأني لا أرى في سواه الحل الشامل لمشاكلنا المتتابعة، ولكن وكما يقال الجود من الموجود، والسياسة هي فن «أفضل» الممكن!النجاح السياسي الوحيد، والثمرة الجيدة اليتيمة التي تحققت لنا خلال الفترة السابقة هي تقليص الدوائر، حتى إن جاءت ثمرة غير مكتملة النمو ولم توصلنا إلى دائرة واحدة يتساوى فيها الناس، وإنما إلى دوائر خمس لا تشابه إحداها الأخرى لا من ناحية الحجم ولا من ناحية الكثافة السكانية، لكن وما دام الأمر كذلك فلماذا لا نستفيد من هذا النجاح، وإن كان قاصراً، ونجري الانتخابات وفقا للدوائر الجديدة علها تنتج شيئاً مختلفاً... شيئاً يحتمل أن يكون جيداً، أو على الأقل أفضل مما هو موجود، في البرلمان بداية وبعدها في الحكومة!وبالمناسبة، حَلّ مجلس الأمة ليس خياراً رائقاً للحكومة، بل هو ليس سوى أحلى الخيارات المُرّة أمامها، لأنها بالنهاية لا تدري ما سيفضي إليه، فلعل حَلّ هذا البرلمان «غير الأليف» سيؤدي إلى تشكل برلمان «متوحش»!أعلم أن فكرتي هذه قد لا تبدو قائمة على حسابات موضوعية جداً، وانها للعبثية التجريبية قد تكون أقرب، لكن بالله عليكم أخبروني «هل ترون في ما يمارسه جماعتنا في الطرفين غير العبث الصرف من شيء؟!».يا سادة، ومن دون أية ضمانات، سأختم بالقول إن برلماناً جديداً ومن ثم حكومة جديدة هو أفضل الخيارات المتاحة والسلام، ومن يظن أن لديه ما هو أفضل من ذلك فليتقدم!