منام
خلال مشاركتها في البرنامج التلفزيوني «الوادي»، عرفت هيفا أن أسمهان ماتت في الترعة (مجرى المياه). تخيلت موتها. تخيّلت إعصار تسونامي، إعصار كاترينا، الزلزال الذي ضرب باكستان وأفغانستان وكشمير، الفيضانات التي تأخذ كل شيء في طريقها، مجاهل تورا بورا وقندهار، تدمير التماثيل البودية، منظر الجندي البريطاني الذي يقفز من دبابة والنار تلتهمه في البصرة. تذكرت منظر تعذيب السجناء في سجن ابو غريب ومناظر ذبح المختطفين على يد الجماعات الارهابية. قبل ان تغمض عينيها وتبكي، تخيّلت إعدام صدام حسين وسيف الحجاج.
هيفا التي كان سمعان يراها في برنامج «الوادي» كانت ضجرة من كاميرات المصورين. تتذكّر انها قرأت في الصحف «أن رجلاً وجد امرأة تتحدث مع رجل غريب. بتر شفتها وجدع أنفها. ديكتاتور أوغندا عيدي أمين كان يأكل خصومه. ستالين شق رأس ليون تروتسكي ببلطة في منفاه المكسيكي. كانت هيفا تحب الرقص والقراءة. تقرأ لتنسى الرقص. ترقص لتنسى القراءة. في الرقص يلتهب العالم حولها. في القراءة تضج مخيلتها بحوادث العالم». قرأت» أن الطغاة هم الاكثر خرقاً لقدرة المخيلة. كيم جونغ إيل كان يفرم خصومه في فرامة اللحم. يملك في قبوه اكثر من عشرة الألف زجاجة فاخرة من تلك التي تنتجها أرقى المصانع في العالم في وقت يموت اطفال بلاده جوعاً. قرأت أن الناس يتجولون بلا هدف في زيمبابوي لا يفعلون شيئاً ولا يذهبون الى أي مكان. سمعت الديكتاتور موغابي يقول في ذكرى ميلاده الثالث والثمانين: البعض يقول إنني ديكتاتور اما شعبي فيقول إنني وسيم». قرأت «أن مجموعة من المعتقدين بالطب الميتافيزيقي في أميركا اللاتينية انطلقت تبحث عن نبع يمنح من يشرب ماءه الشباب الدائم. بقيت المجموعة تبحث عن النبع المشتهى ثماني سنوات في الصحراء من جنوب اميركا والمكسيك. لم تنته مسيرتهم الا بعد أن تاهوا وانقطعت بهم السبل وأخذوا يأكلون بعضهم بعضاً من الجوع. لم يبق سوى خمسة من 600. قالت هذا ليس حقيقة بل منام مع ان المنامات أصبحت أكثر حقيقة من الواقع». هيفا لم تكن تقرأ. كانت تعلم. رأت اسمهان في المنام، أخبرتها: «شهرتي بدأت منذ كنت في السادسة عشرة حين كنت أحيي الأفراح والحفلات فانتقلت الى شقة في منطقة «غاردن سيتي» مع عائلتي. زارنا ابن عمي حسن وطلبني للزواج. رفضت والدتي زواجي لانني كنت أعيل عائلتي. عاد الأمير فحرّض عشيرته على والدتي وأبلغهم أنني أغني في الملاهي. خشيت والدتي عاقبة عشيرتها. عاد العريس إلى مصر مرة ثانية وتزوجني، لكن الزواج لم يدم». أضافت:» أنا لست مناماً يا هيفا، لكن قومي جعلوني حكاية مثل المنام، حولوني بطلة قومية، لم يدركوا انني فتاة تعيش حياتها تأكل، تشرب، تكذب، تلعب، تعشق. كل شيء فيّ قدّسوه. جعلوني لا أصدق ما يجري حولي. لم يصدقوا حكايتي مع الصحافي محمد التابعي، قالوا إنها من صنع الخيال. هذه هي الحكاية».