الحرب ضد النجاح

نشر في 10-12-2007
آخر تحديث 10-12-2007 | 00:00
 نادية علي الشراح

«الأنوثة هي القطب الأساسي في هذا الوجود، باعتبار أن قطب الذكورة ليس موجوداً إلا بالوحدة بين الذكورة والأنوثة».

أدونيس

تجاوزت الإناث نسبة الـ%50 من مجموع السكان في الكويت، وحتى وقت قريب لم يكن قد نلنَ حقوقهن السياسية، ولكنهن تمكنَّ منها بعد كفاح طويل قارب الأربعين عاماً، وتمثلت نتائج ذلك في عدم مكافأتهن بالحصول على أي مقعد في المجلس النيابي الذي استمر رجالياً بنسبة %100، باستثناء وزيرتين معينتين يمثلن %12.5 من مجلس الوزراء، و%3.1 من الأعضاء المعينين والمنتخبين (الوزراء والنواب). وهذا يحدث وعدد الفتيات يساوي نحو 3 أضعاف الذكور في التعليم العالي، أي أنهن أكثر حرصاً على تأهيل أنفسهن من أقرانهن من الرجال.

وبالرغم من أن التعيين في مجلس الوزراء يخضع لمعايير المجاملات على حساب الكفاءة والتخصص، فإن هناك مثالين يستحقان التوقف والتقييم، فالدكتورة معصومة المبارك تم تعيينها في 3 وزارات، التخطيط والمواصلات ثم الصحة، ليست واحدة منها وزارة اختصاص، فهي أستاذة العلوم السياسية، وضالعة في تخصصها، وشخصيتها متزنة ومحترمة، ولم يُفقدها المنصب شيئاً من بساطتها، بيد أنها ذهبت ضحية بعد تعرضها لاستهداف متعمد، وبذهابها انخفض تمثيل النساء الضئيل بنسبة %50 في كل من مجلسي الوزراء والأمة.

والمثال الآخر معاكس تماماً، فالسيدة نورية الصبيح تمثل خلاصة تجربة متخصصة في التربية والتعليم، وهي إنسانة إصلاحية، وامرأة مقاتلة، وهي ما تبقى للنساء في مجلسي الأمة والوزراء، وتتعرض لهجمة شرسة، ليس لأنها غير كفؤة، وليس لأنها غير متخصصة، وليس لأنها لا تتخذ قرارات جريئة، ولكن العكس تماماً، لأنهم يريدونها صورة فقط، أن تقول لمن لا يفقه بشؤون التربية والتعليم «حاضر سيدي»، وأن تبقي التركة الخربة التي نتفق جميعاً على أن إصلاحها أساس صناعة الإنسان في هذا البلد «على طمام المرحوم»، وربما أسوأ.

الدكتورة معصومة المبارك والسيدة نورية الصبيح تشتركان في أنهما تقدمان نموذجين للتعسف الواضح في استخدام الأدوات الدستورية، وكذلك نموذجان للتضحية، فمن تقبل بالحقيبة الوزارية من أوائل النساء فستدفع أكثر من غيرها في المساهمة بتغيير النظرة غير المنصفة لمشاركة النساء في القرار السياسي.

إن دعم مجلس الوزراء وتأييده للجهود الإصلاحية التي تقوم بها وزيرة التربية والتعليم تفتقد كثيراً من الجرأة، قد يكون أهمها على الإطلاق دعم جهود وزيرتها المتخصصة ودعمها المطلق شخصياً، وحماية أهم مصنع لتأهيل الرأسمال البشري وإبعاده عن السياسة والصراع العقائدي، كما أن رفع التمثيل إلى مستوى نسبي عادل للنساء في المناصب الوزارية، لا يقل أهمية عن ذلك.

********

بيروت يا بيروت... إن الدنيا بعدك ليست تكفينا * عبر الأثير أضم صوتي إلى نداء الفنانة القديرة ماجدة الرومي لجميع التكتلات السياسية في لبنان إلى الاتفاق، رحمة بحال أهل لبنان للعيش بسلام وحرية وكرامة.

back to top