إن حل مشكلة لبنان بيد الإخوة اللبنانيين فقط، وليس في أي تدخل خارجي سواء كان أميركياً أو فرنسياً أو إيرانياً أو عربياً، وأيضاً ليس الحل في «عصا» موسى التي أخشى أن تُكسر قبل أن تتحول إلى ثعبان كبير يلقف ما حوله من ثعابين صغيرة تتوالد يومياً.«فرح البعض وهلّل واستبشر... عبس البعض وغضب واستنفر... ترقب الباقي وانتظر وتحيّر». هذه هي حال الجميع بعد قرارات وزراء الخارجية العرب التي أعلنها السيد عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية بشأن الوضع في لبنان، والسبب في تباين ردود الأفعال يرجع إلى لغتنا العربية الغنية بتفسيراتها، أي يمكن تفسيرها دائماً بصور شتى، وكل طرف يفسر كما يشاء، ويبدو أن الأمة العربية، وبعد مرور 40 عاماً، لم تتعلم شيئاً مما حدث في الأمم المتحدة بعد نكسة 67 والقرار الشهير 242 الذي اختلفت ترجمته العربية عن الإنكليزية فتحولت كلمة «الأراضي» التي احتلت إلى «أراضٍ» احتلت، وتاه الجميع وتاهت القضية إلى الآن... لذلك كان غريباً وعجيباً أن يأتي قرار الوزراء العرب وفي بنديه الأولين نفس الكلمة «فوراً» التي تعني في اللغة «قبل أي شيء آخر»، وتلقفها الفرقاء في لبنان، فبيان الوزراء يتحدث عن الانتخاب الفوري لرئيس الجمهورية، وكذلك التشكيل الفوري لحكومة الوحدة الوطنية، فأي «الفورين» أولاً؟! أما كان أجدى بوزرائنا الأفاضل أن يكون الحديث أكثر دقة وصراحة وتحديداً للترتيب الزمني، فيقال مثلاً بعد انتخاب رئيس الجمهورية يتم البحث في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، ولو أردنا إضافة فوراً لقلنا مثلاً فور الانتهاء من انتخاب رئيس الجمهورية يتم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية؟! بهذا اللغة الواضحة الصريحة لا يجد أي فريق فرصة للتفسيرات المختلفة أم أن ترتيب بنود البيان يغني عن هذا؟ وهل يقبل فريق المعارضة بتفسير هذا الترتيب؟نقطة أخرى وهي أن تشكيل الحكومة جاء في بيان الوزراء أشبه بالألغاز فلا يستطيع أي فريق تعطيل أو تمرير أي قرار بمفرده «من أولها كده» وهل هذه تكون حكومة وحدة أن يتربص كل فريق للآخر، ففريق يمنع تمرير القرارات والآخر يمنع المنع؟! فكيف تسير الأمور بالله عليكم؟إن كلمة وحدة وطنية تعني أن يسعى الجميع إلى مصلحة البلد لا أن يسعى كل طرف إلى عرقلة قرار الطرف الآخر، إن ما ذكر في قرار الوزراء العرب يكرس الطائفية وليس دعوة إلى الوحدة الوطنية... أي أن البيان جاء باختصار أشبه بالمثل الشعبي «سليم متكسّرش و مكسّر ما تكلش وكل لمّا تشبع»، فكيف يمكن للجائع –كما يقول المثل- أن يأكل، وقد طلب منه ألا يقطع الرغيف ولا يأكل من الرغيف المقطوع؟! أم أن المطلوب منه أن يظل ينظر فقط إلى الطعام؟! وهل المطلوب أن يظل اللبنانيون ينظرون إلى الحل ولا يستطيعون تطبيقه؟!مرة أخرى وأخيرة إن حل مشكلة لبنان بيد الإخوة اللبنانيين فقط، وليس في أي تدخل خارجي سواء كان أميركياً أو فرنسياً أو إيرانياً أو عربياً، وأيضاً ليس الحل في «عصا» موسى التي أخشى أن تكسر قبل أن تتحول إلى ثعبان كبير يلقف ما حوله من ثعابين صغيرة تتوالد يومياً... ولله درك يا أمة العرب والبلاغة.