Ad

في ظل هذا الوضع السعيد للحركة الدستورية، فلا يمكن أن نتصور على الإطلاق أن تتمنى اليوم للبرلمان أن يُحَل، حتى إن كانت تدرك أنها الأكثر استعدادا والأقدر على مواجهة الوضع القادم، لأن عشرات العصافير في اليد، بالطبع خير منها على الشجرة.

على الرغم من أنها الأكثر تنظيماً، والأقدر على مواجهة الانتخابات البرلمانية المقبلة في ظل الدوائر الخمس، التي ستتطلب قدرات مالية فائقة، واستعدادات استثنائية متقدمة، فإن الحركة الدستورية لا تريد للبرلمان أن يُحَل، وذلك لأنها وبكل وضوح الأكثر استمتاعا واستفادة من الواقع السياسي الحالي.

للحركة الدستورية ستة نواب في البرلمان، أحدهم قد أصبح نائبا للرئيس بدعم معلن من الحكومة، ولها وزير يمثلها تم اختياره وفق رغبتها من قبل رئيس الحكومة، وتتمتع بعلاقة استراتيجية التحامية بالحكومة، لا تميز فيها المواقف بعضها عن بعض، ولها سطوة إعلامية ضاربة وأذرع ممتدة في أكثر من صحيفة وقناة.

لذلك وفي ظل هذا الوضع السعيد للحركة الدستورية، فلايمكن أن نتصور على الإطلاق أن تتمنى اليوم للبرلمان أن يُحَل، حتى إن كانت تدرك أنها الأكثر استعدادا والأقدر على مواجهة الوضع القادم، لأن عشرات العصافير في اليد، بالطبع خير منها على الشجرة!

يظن بعضهم أن الحركة الدستورية، وفي ظل عدم دعمها لاستجواب وزير النفط، الذي يبدو أنه سيواجه استجواباً صعباً، ربما يصل إلى حد طرح الثقة فيه وإخراجه من الحكومة، أو ربما لجوء رئيس الوزراء إلى إنقاذه، من خلال تدوير وزاري ينقله من بين السندان والمطرقة إلى مكان آخر، لن يفهمه الشارع إلا على أنه نصر للتكتل الشعبي ومؤيدي الاستجواب، وهزيمة للحكومة ولكل من ساندها، أقول إن بعضهم يظن أن «الدستورية» ستجد نفسها في موقف سياسي محرج هذه المرة، لكنني أظن عكس ذلك.

الحركة الدستورية لا تحرق كل أوراقها، وتمتلك بدلاً من الجوكر خمسة، في يدها وفي كمها، وفي جيبها وفي جواربها، وتحت الطاولة! الحركة الدستورية لا تؤمن بنظرية البيض في السلة الواحدة، لأن البيض كثير، ولابد من وضعه في أكثر من سلة!

إن كانت «الدستورية» تعارض الاستجواب اليوم، وتقف في صف الحكومة من باب أن اعتذار الوزير عما صرح به يكفي للتجاوز عنه، وأنه لاداعي لاستجوابه، فإنها قادرة تماما كقدرة ربان السفينة الشراعية الماهر أن يغير اتجاهه مع تغيرات الرياح، لتقول إن المحور الثاني للاستجواب والمعني بالمخالفات المالية والإدارية وبعد النظر فيه جعلها تؤمن بضرورة الاستجواب، بل ربما بضرورة طرح الثقة في الوزير!

«الدستورية» لاتأبه بمقولة «تجري الرياح بما لا تشتهي السفن» لأنها قادرة على أن تشتهي وتجري وفق ما تجري الرياح!

الحركة الدستورية، مدرسة سياسية عريقة، مقتدرة متمكنة، لا تجد أي صعوبة في التشكل وفقا لشكل الإناء الذي يحتويها في الحكومة وفي البرلمان وفي كل مكان، وأن تتغير حالتها الفيزيائية بين الصلبة والسائلة والغازية تبعا لحرارة الجو وتقلبات الطقس.

الحركة الدستورية لا تخشى المستقبل، فهي حركة وطنية حكومية إسلامية عصرية مستقلة معارضة!