Ad

انتقلت دول عربية إلى «الدكتاتورية الذكية» أو الدكتاتورية بالطريق الديموقراطي أو «الديمقراتورية» وفيها يستخدم الحاكم العربي المنهج الغربي الديموقراطي في فرض حكمه الدكتاتوري.

تعقيباً على مقال سابق «عن كوارث الدكتاتوريات العسكرية والعائلية» تساءل بعضهم كيف يمكن أن تتهم أنظمة الحكم العربية بالدكتاتورية مع وجود دستور في كل بلد عربي؟ ألا يعتبر الدستور درعاً للشعب ضد البطش والظلم؟ ألا يوصف الدستور بالحارس الأمين للمواطن؟

المعروف أن مصطلحي الدكتاتورية والديموقراطية من المفردات والمصطلحات الغربية التي أضيفت إلى قاموسنا العربي، ولكليهما الكثير من التعريفات الغربية. فعلى سبيل المثال؛ للديموقراطية تعريفات غير قليلة أبسطها حرية التعبير وحق الآخر في إبداء الرأي. وللدكتاتورية تعريفات متنوعة أوضحها فرض الفعل وإرغام الآخر على قبوله.

وبالرغم من كثرة تلك التعريفات إلا أن لحكامنا العرب دائما تعريفاتهم الخاصة، لذا سمعنا في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي عن «أنياب الديموقراطية» ومفرمتها، وهو التعبير الذي استخدمه الرئيس الراحل أنور السادات في ذلك الوقت... فقد يكون للديموقراطية أقلام تدافع عنها وألسن تطالب بها، أما أنيابها فهي أمور خاصة بالحاكم العربي الذي توعد معارضيه بأنياب تمزق وضروس تفرم وتطحن.

للدكتاتورية عند حكامنا العرب كذلك تطورها الطبيعي الذي سارت فيه فبدأت «بدكتاتورية العصا» أو «الدكتاتورية الغبية» التي تفرض الأمر بالقوة والعنف بلا تستر ولا مواراة، ثم انتقلت إلى «دكتاتورية الجزرة» أو «شبه الغبية» التي تفرض الأمر بالأحلام والأوهام التي يقدمها الحاكم يسانده حملة المباخر من حوله، مدعين أن الطريق الوحيد لتحقيق هذه الأحلام هو السمع والطاعة والامتثال لأوامر الحاكم وقراراته.

وتوقفت بعض الدول العربية عند هذا الحد بينما انتقلت دول أخرى إلى «الدكتاتورية الذكية» أو الدكتاتورية بالطريق الديموقراطي أو «الديمقراتورية» وفيها يستخدم الحاكم العربي المنهج الغربي الديموقراطي في فرض حكمه الدكتاتوري، إذ يعتقد بعض الحكام العرب أنهم بهذه الوسيلة قادرون على خداع شعوبهم من خلال استغلالهم الدستور الذي يعتبره الحاكم العربي -للأسف- علكة لينة مطواعة يستخدمها عندما يحب، ويلفظها متى أراد.

فمن حق الحاكم في دساتير العرب كلها أن يتقدم بطلب لتعديل الدستور ومن حقه كذلك تعديله مباشرة في حال عدم وجود مجلس تشريعي، فإذا أراد الحاكم استغلال الدستور لفرض أمر يرفضه الشعب، قام بتفعيل الدستور، وإن أراد العكس تقدم بطلب لتعديله ويتم له ما يريد من خلال سيطرته على المجلس التشريعي أو يحل المجلس ذاته ويعدل الدستور.

هذا ما حدث ويحدث بصورة أو أخرى في بلادنا العربية فإما ديموقراطية ذات أنياب تمزق وتفرم أو دكتاتورية دستورية تفرض وتلزم، وإن شئت الدقة «ديمقراتورية» تسيطر وتحكم وللمواطن العربي أن يختار ما يحب... فأين المفر؟!