عروس المطر
بثينة العيسى روائية كويتية شابة، قدمت لساحة الرواية الكويتية والخليجية ثلاث روايات لافتة بفنيتها العالية: الأولى «ارتطام.. لم يُسمع له دوي «2004، والثانية «سعار» 2005، والثالثة «عروس المطر» 2006، التي جاءت لتؤكد موهبتها الروائية واهتمامها بالقضايا الاجتماعية الكويتية، حيث تتناول الرواية معاناة الفتاة / المرأة في أحد تجليات وجعها اليومي جراء عنوستها.
تكشف رواية «عروس المطر» على لسان بطلتها «أسماء» الصراع النفسي الداخلي لفتاة كويتية تبلغ السادسة والعشرين من عمرها، تقع تحت وطأة مشاعر الضيق والإحباط التي تتملكها لكونها تشعر بدمامة وجهها وبشاعة تقاطيع جسدها من جهة، والخيبة واليأس من أن يقبل شاب بها كزوجة من جهة ثانية. على خلاف روايتها «سعار» التي كان الوضع الاجتماعي الكويتي حاضراً على امتداد أحداث الرواية، ومتداخلاً في تعرجات العمل، فإن انعكاس الوضع الاجتماعي على أحداث رواية «عروس المطر» ظل كخلفية بعيدة، تتجلى أكثر ما يكون في آراء «أسماء» حول أجواء حفلات الأعراس في الكويت. بينما غاصت الرواية في عوالم «أسماء» وتوزعها في معاناتها. فهي من جهة تعيش صراعاً داخلياً بسبب تكوينها الخلقي وإصرارها على الانتقاص من قيمة نفسها: «كنت زرقاء، مشعرة، بعينين جاحظتين وذقن مدقوقة» ص 18. ومن جهة ثانية تتألم بوحدتها وعزلتها بسبب من بعدها عن أمها وأبيها المنفصلان. إن مقولة: إن لكل كاتب روائي موضوعة محددة يشتغل عليها، وأن مجمل أعماله تأتي تنويعاً على هذه الموضوعة، تبدو متحققة في أعمال الكاتبة الشابة بثينة العيسى، فمن خلال رواياتها الثلاث يمكن التوقف عند أهم خصائص أسلوبها وعلى النحو التالي : 1 - تتناول بثينة العيسى القضايا الاجتماعية، عاكسة موقفها ورؤيتها لتلك القضايا، وهي بذلك تترجم وعياً بأهمية الأدب والفن وقدرتهما على التأثير في الواقع كما في وعي وذائقة القارئ، ووعياً ممثلاً لدور المبدع في التصدي لقضايا وطنه الاجتماعية . مع ملاحظة أن بثينة تقدم أعمالها بانحياز واضح إلى كل ما هو إنساني، مؤمنة بالعدالة والحب والعيش الكريم . 2 – تقدم بثينة العيسى حوارات رواياتها باللهجة العامية الكويتية، وربما كان مرد ذلك إلى خصوصية وبساطة اللهجة، أية لهجة، ودفء عوالمها، وقدرتها الساحرة على عكس أجواء اللحظة والمكان. لكن ذلك يأتي على حساب اللغة العربية الفصحى. 3 – إن استخدام صيغة ضمير المتكلم يُحسب لبثينة، فهو يقدم وصلاً بالقارئ ويجعله جزءاً من العمل الروائي، بينما استخدام صوت الراوي العليم على العكس من ذلك يُعد رجوعاً لفترة من الكتابة الروائية تجاوزها الزمن . إن رواية «عروس المطر» هي إضافة دالة في مسيرة بثينة العيسى، حتى لو جاءت خاتمتها هروباً من الواقع وسقوطاً في موت الحلم، فواقع اجتماعي مأساوي يصعب التفلت منه، ربما يدفع البعض دفعاً إلى الحلم بوصفه طوق نجاة . حتى لو كان هذا الحلم على حساب الحياة.