Ad

تنافس التكتلات السياسية مع بعضها لإخراج أفضل المرشحين لديها يصب في المصلحة العامة، والتصويت داخلها لا يكون للأخ أو ابن العم أو ابن الخال كالوضع في فرعيات القبيلة، إنما للأفضل والأجدر والأحسن تمثيلاً، وهذا هو الفارق بين «الفرعيات» و«التزكيات».

سألني متضايقا: لماذا تحاربون القبائل وأنتم أبناؤها؟ ولماذا تنتقدون الفرعيات ونتاجها؟ ألم تفكروا أنكم ستحتاجون في يوم من الأيام إلى «واسطة»؟ مَن سينفعكم حينها؟ الوطنيون المخلصون- ساخراً- أم نواب قبائلكم الذين تعرفونهم ويعرفونكم؟ أم أنكم تسعون إلى أن تكونوا من «عيال بطنها» كما يقولون؟!

قلت له: ما هكذا حسبتها ولا خطر على بالي أن أحسبها، أغناني الله عن «واسطة» أحل بها مكان مَن هو أكثر استحقاقاً مني، أما ما أستحقه فتأكد أنني سآخذه بالحق والقانون، ألسنا في دولة القانون؟! وإن قصّر القانون، فإن النواب الوطنيين المخلصين لن يقصروا، فهم ليسوا ضد «واسطة» تعيد حقاً ضائعاً، ولو كنت أفكر بمصالحي فقط كما تفكر لسارعت إلى طلب ود نواب الفرعيات. ثم مَن قال لك إننا ضد نواب القبائل، نحن فقط ضد الآلية التي تنتجهم، مرحباً بنائب القبيلة المخلص لوطنه والمثقف ذي المقدرة والكفاءة، وهم كثر بحمد الله، لا يمنعهم من الترشح سوى هذه الفرعيات وشروط النجاح فيها، وهي أن يكون المرشح من الفخذ الأكبر من القبيلة الأكبر بالدائرة، ومواصفاته أن يكون «هبة ريح» بتخليص المعاملات، ومتواصلاً مع أبناء القبيلة في مجالسهم وديوانياتهم وفي أفراحهم وأحزانهم ومتفانياً في خدمة مصالحهم، بعد ذلك لا يهم مدى «الحمورية» التي يتمتع بها «المتفرع» والكفاءة التي يملكها الآخرون، أما حكاية «عيال بطنها» فقد سبقك أحدهم بهذا السؤال، فدعني أقل لك وله إن هذا ليس طموحاً لأحد، فأبناء الشعب الكويتي كافة «عيال بطنها» فعلاً، ومَن يقول غير ذلك فهو «ولد ظهرها» ولا أحد غيره!

قال: يا أخي «صرعتونا» بكلامكم المستمر عن «فرعيات» القبائل، فلماذا تتجاهلون «تزكيات» التكتلات والتجمعات السياسية، بل المذهبية أيضاً، أين العدالة في هذا الأمر؟!

قلت: لعلّك تتحدث عن تزكية الكنادرة والشيعة لمرشحيهم، فدعني أقول لك إنني ضد كل تزكية أو فرعية أو تشاورية تقوم أسسها على صلة القرابة أو المذهب أو العرق، فكلها جاهلية وانغلاق على الذات. أما الفارق بين تزكية التكتلات السياسية لمرشحيها و«التشاوريات» القبلية فكبير جداً، ولا أدري لماذا يتم الربط بين الأمرين دائماً؟ فالفرعيات القبلية لا تشترط على مرشحها التعليم العالي والكفاءة والمقدرة والرؤية السياسية المستقبلية، كل ما يهم هو مصلحة الفخذ أولاً والقبيلة ثانياً.

فمن المنطقي ألا يهتم بعد ذلك النائب «المتفرع» سوى بالأفراد الذين «فرعوه» للمجلس وليذهب الآخرون إلى الجحيم، وهذه حال أغلبهم وليس جميعهم بطبيعة الحال، فالغاية هنا ليست محاربة نواب القبائل، بل محاربة الطريقة التي تمنع وصول أفضلهم إلى المجلس!

قال: لا أرى فارقاً كبيراً!!

قلت: مشكلتك، ولكن تذكّر أن التكتلات السياسية تضم أطياف المجتمع جميعها، فالرابط هنا هو التوجه السياسي والفكري، لذلك تجد الأعضاء فيها من القبائل والعوائل والمذاهب كافة تجمعهم مبادئ ورؤى واحدة، وتحرص هذه التكتلات على تزكية أفضل أعضائها من ذوي الكفاءة والقدرة على تمثيلها بالشكل الجيد، ولذلك تجد أن أغلبهم تعليمه عالٍ ويمتلك ثقافة سياسية وجرأة في مواجهة الجمهور وقدرة على إقناعهم وبعض من الكاريزما الاجتماعية، عكس كثير ممَن تنتجهم الفرعيات، حيث لم يجاوز كثير منهم التعليم المتوسط، وتجد بعضهم في المجلس لا يكاد ينطق بجملة مفيدة، كما أن تنافس التكتلات السياسية مع بعضها لإخراج أفضل المرشحين لديها يصب في المصلحة العامة، والتصويت في داخلها لا يكون للأخ أو ابن العم أو ابن الخال كالوضع في فرعيات القبيلة، إنما للأفضل والأجدر والأحسن تمثيلاً، وهذا هو الفارق بين «الفرعيات» و«التزكيات»، فهمت يا حبيبي؟!

قال: كلامك هذا مكرر!

قلت: أعلم ذلك، وسأظل أكرره حتى تزداد القناعات بصحته عند الكثيرين!

قال: «تراك دوخت راسي وبطيت جبدي»... «عن إذنك باروح لفلان- مرشح- أضبط شغلي عنده»!

قلت: لا فائدة، الله معاك وسلم عليه...

قال: «ما يبي سلامك، يبي فرقاك أنت وربعك»!