خذ وخل: من يجرؤ على الديوانيات؟!

نشر في 05-03-2008
آخر تحديث 05-03-2008 | 00:00
 سليمان الفهد * مقولة: شر البلية ما يضحك تنسحب على قرار الحكومة بتأجيل إزالة التعديات والتجاوزات المستهدفة للاستحواذ على أملاك الدولة جهاراً نهاراً من دون حسيب ولا رقيب! ذلك أن مهمة الإزالة ليست بحاجة إلى تأجيل بذريعة الدراسة وغيرها من مبررات تروم احتواء قرار الإزالة، وإفشال مهمة اللجنة المنوط بها إزالة كل مظاهر التعديات على أملاك الدولة. إن دفاع النواب عن المخالفين ينفي مواقفهم السابقة بشأن حماية المال العام، وتعرية سوءة سراقه! لذا فهو دفاع متهافت يتوسل إرضاء الناخبين ورشوتهم، ولا يمكن أن يقتنع به سواهم؛ وبمعيتهم أصحاب المخالفات فقط، ذلك أن التعلل بذريعة قلة مساحة السكن، لا تبرر البتة استيلاء أحد على أراض أميرية مملوكة للدولة، ودفاع النواب عن هذه المخالفة لا تخفى مبرراته ودوافعه على أحد، لكن الأمر المحيّر بحق هو رضوخ الحكومة وقيادات الدولة لضغوط النواب والمتنفذين وأصحاب المصالح، ورجوعها عن قرار الإزالة قبل أن يجف الحبر الذي صيغت به!

والسؤال الذي يخطر على البال بشدة هو: إذا كانت الحكومة غير راغبة ولا قادرة على تنفيذ قراراتها بحزم وحسم، فلِمَ تتورط في إطلاق قرار تعرف سلفاً أنها لن تنفذه، كما حدث في سوابق مماثلة؟!

لقد كان الظن بأن تأسيس اللجنة العليا لإزالة التعديات، بقيادة شخصية وطنية تحظى باحترام وتقدير الجميع، يشي بجدية الحكومة، هذه المرة، على تنفيذ قراراها في التو من دون تسويف، ولا خضوع لأي ضغط أياً كان مصدره، لكنها اختارت بقصد أو من دونه إحراج موقف لجنة التعديات، وربما إعاقة مهمتهم وإفشالها!

ومن هنا: لا أحد يلوم رئيس وأعضاء اللجنة إذا فكر أحدهم أو جُلهم، وربما كلهم، بالاستقالة من اللجنة الموسومة بالعليا، وهي ليس لها من اسمها نصيب حتى كتابة هذه السطور!

* ومن فضول القول: الإشارة إلى أن التأجيل يجسد غياب الرؤية الحكومية، وعدم قدرتها على اتخاذ قرار صائب لا يرضخ إلى أي ضغط وواسطة! فضلاً عن أنه أحال لجنة الإزالة الموقرة إلى مجرد فزّاعة و«خيال مآته» ليس إلا!

وقد تذكرت العبارة الشهيرة: «أفتح الشباك .. ولّا أقفله» التي ظل يلعلع بها الممثل المسرحي أحمد الجزيري» في مسرحية «القضية» التي قدمها المسرح القومي المصري في الستينيات من القرن الماضي، وعرضت بالتلفزيون مرات عدة. وقد قالها في معرض حيرته تجاه القانون المتذبذب الذي يأمره حيناً بفتح الشباك، وحيناً آخر بإقفاله! ولعل حال اللجنة العليا، بعد قرار تأجيل الإزالة يشبه الموقف الحائر للفنان «الجزيري» السالف الذكر! نقول ذلك مع الاحترام الشديد للقيِّم على اللجنة وأعضائها، الذين أخالهم الآن في وضع حرج لا يغبطون عليه! ولذا أتوقع أن تكون الإزالة تستهدف اللجنة العليا نفسها، كما هو شأن الحكومة وديدنها تجاه مسألة التعديات والاستباحة.

ولعل سوابق الحكومة الرشيدة في هذا المجال تغني عن أي مرافعة تدينها، وتدلل على عجزها عن اتخاذ القرار الصائب الحاسم الحازم لدرء استباحة المال العام وحمايته من التعديات التي تعيث في حرمتة طوال خمسين سنة. وفي عدد الأحد 2 مارس من «الجريدة» استنكرت الجمعية الكويتية للدفاع عن المال العام رضوخ الحكومة المهيمن إياه، بدلاً من اختيارها تطبيق القانون بصرامة، فضلا عن فرض هيبة الدولة التي باتت كما «المعيدي» الذي تسمع به ولا تراه! مع الاحترام الشديد أيضا لحضرة «المعيدي»!

وفي العدد ذاته إشارة إلى عزم مجموعة من أعضاء لجنة التعديات على الاستقالة التي باتت الآن، بعد قرار التأجيل، مجرد تحصيل حاصل! وإذا لم تتراجع الحكومة عن قرارها المتخاذل، صح فيها هجاء أخينا الشاعر الفذ «وضاح» القائل:

وهذي «رشيدة» بنت أفعالها سود  ردّت فضايحها القديمه جديده

back to top