الصايغ والقامس وحزب التحرير!

نشر في 23-08-2007
آخر تحديث 23-08-2007 | 00:00
 د. ساجد العبدلي

هذا الرفض القاطع لهذه التصرفات الخاطئة والتجاوزات الصارخة من قبل منتسبي أمن الدولة في حق الزميلين الصايغ والقامس لا يجب أن يتوقف هنا، بل يجب أن ينسحب كذلك على ما تعرض له أعضاء «حزب التحرير» عندما تم اعتقالهم بالطريقة نفسها.

إن الإنسان الصادق صاحب المبدأ، لا ينظر إلى الأمور بمنظارين، أحدهما عدسته خضراء والآخر حمراء، ولذا فلون الحق عنده ثابت لا يتغير، وليس له درجات. لا يوجد حق أبيض ناصع من النوع الفاخر، وآخر مشوب بالرمادي من النوع الأقل جودة، وكذلك الباطل لونه واحد، نعرفه أسود كسواد الليل البهيم كما قال الشعراء، لا يوجد باطل لونه أسود غامق وباطل أسود فاتح!

نتفق جميعاً على أن الأسلوب الذي اعتقل به الصحافيان بشار الصايغ وجاسم القامس على يد منتسبي أمن الدولة أمر مرفوض تماماً، في كل جزئياته من طريقة اعتقال وأسلوب استجواب شبيه بالدول البوليسية. هذا الأمر لا يرفضه الشعب الكويتي الذي تربّى على أجواء الحرية والممارسة الديموقراطية فحسب، ولكن يرفضه أيضاً دستور البلاد قبل ذلك في كل مواده التي كفلت العدل والأمن والطمأنينة، وصانت الكرامة الإنسانية والحريات الشخصية، ونهى عنه صراحة في المادة 31 التي أكدت على عدم جواز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون وعدم تعريض أي إنسان للتعذيب أو للمعاملة الحاطة بالكرامة.

ولم أكن لأظن كذلك بأن أي فرد من أبناء الأسرة الحاكمة يقبل التعسف والظلم في حق أبناء الشعب كذلك لأن الأسرة الحاكمة أدركت عبر سنوات حكمها الطويلة أن عزة الشعب وكرامته من عزتها وكرامتها، وأن استمرار حكمها ووجودها ما كان ليقوم إلا على أسس الاحترام والعدل وأواصر المحبة والتراحم في ما بينها وبين أبناء الشعب بكل فئاته وطوائفه.

هذا الرفض القاطع لهذه التصرفات الخاطئة والتجاوزات الصارخة من قبل منتسبي أمن الدولة في حق الزميلين الصايغ والقامس لا يجب أن يتوقف هنا، بل يجب أن ينسحب كذلك على ما تعرض له أعضاء «حزب التحرير» عندما تم اعتقالهم بالطريقة نفسها.

نقول هذا صراحة وبكل وضوح لأن الحق حق واحد وليس له ألوان مختلفة بحسب فكره أو جنسه أو أصله أو لونه. ومَن يجد منا في نفسه ذرة من تردد أو تلكؤ في قبول هذا فعليه أن يعلم بأن ضميره قد يكون مشوباً بالنفاق السياسي وباعتلال المقاييس وهو لا يدري، ولازم عليه أن يعود ليراجع مصداقيته مع نفسه وأن يعرض مبادئه على ميزان الإنصاف والحق.

يجب على كل من تعاطفوا ووقفوا مساندين لحق الزميلين الصايغ والقامس، ورفض ما جرى لهم من معاملة متعسفة على يد منتسبي أمن الدولة، خصوصا من نواب مجلس الأمة الذين يهدد بعضهم بألا تمر القضية من دون محاسبة المتسببين بها، أن يكونوا صادقين مع أنفسهم وأن يقفوا في ذات الموقف في شأن أعضاء «حزب التحرير»، مهما اختلفوا معهم في الفكر وفي التوجه، إما أن يكون هذا وإلا فعلى المصداقية والإنصاف السلام!

back to top