في توجه يرمي إلى حسم المعركة في أسرع وقت. بدأ الجيش الباكستاني النظامي يتعامل مع أزمة المسجد الأحمر بإسلام أباد. بينما هدد زعيم الطلبة المحاصرين داخله ان بوسع طلابه الصمود شهراً كاملاً، في حين دعا الرئيس الباكستاني برويز مشرف إلى الاستسلام فوراً للسلطات بعد يوم قتال كان الأشد منذ الثلاثاء الماضي. هزّ اطلاق نيران كثيف وانفجارات العاصمة الباكستانية (اسلام اباد) في ساعة مبكرة من صباح امس. في الوقت الذي اندلعت فيه اشتباكات بين الطلاب الاسلاميين المتحصنين في مسجد وقوات الامن الباكستانية بعد ان اعلن زعيمهم أنه يُفضل «الشهادة» بدلا من الاستسلام، لكن اطلاق النار شهد توقفا مع انتصاف النهار ولم يخرج أو يدخل أحد إلى مجمع المسجد المطوق بمئات من الجنود.
وحل جنود الجيش امس محل القوات شبه العسكرية في مواقع كثيرة محيطة بالمسجد. وقالت سامية راهيل كازي وهي نائب برلماني «نريد من الحكومة انهاء هذا الموقف».
وتصاعد دخان وألسنة نار من المسجد في ساعة مبكرة من صباح امس خلال تبادل عنيف لاطلاق النار. وقال شهود إن فرداً من قوات الأمن قتل على الرغم من نفي السلطات وقوع أي ضحايا، وقطعت امدادات المياه والغاز والكهرباء عن المسجد وقيل ان الطعام اصبح شحيحاً.
وفي الأثناء دعا الرئيس الباكستاني برويز مشرف أمس المتطرفين الاسلاميين المتحصنين في المسجد الاحمر في اسلام اباد الى تسليم انفسهم، محذراً من انهم قد يقتلون، فيما اعلن قائدهم استعدادهم للصمود شهرا. واعلن مشرف للصحافة في اول تصريح له حول الازمة المستمرة منذ خمسة ايام «عليهم الا يواصلوا تحركهم عليهم ان يسلموا انفسهم ويسلموا سلاحهم والا فقد يقتلون».
وقال زعيم المتطرفين عبد الرشيد غازي في اتصال هاتفي اجري معه داخل المسجد «لدينا ما يكفي من المؤن والاسلحة والذخائر لنقاتل 25 الى 30 يوما اضافيا وهذا ما سنفعله ان شاء الله»، متهما القوات الحكومية بقتل سبعين شخصا بينهم ثلاثون امرأة في المواجهات المستمرة منذ خمسة ايام.
ويتباين هذا العدد الذي لا يمكن التحقق منه من مصدر مستقل، مع الحصيلة الرسمية التي تشير الى سقوط 19 قتيلا منذ الثلاثاء.
وقال غازي وهو المسؤول الثاني في المسجد والزعيم الوحيد الذي مازال متحصنا فيه بعد اعتقال شقيقه، «أفضّل الموت على ان استسلم وتعتقلني الحكومة».
وقال «مازال هناك 1800 طالب داخل المسجد. اكرر اننا لن نستسلم وعلى الحكومة ان تؤمّن لنا معبرا آمنا وسنعود الى مناطقنا الاصلية».
وقال «قتل نحو 70 طالبا منذ ان بدأت الحكومة عمليتها قبل خمسة أيام»، موضحا ان بين القتلى ثلاثين امرأة.
واشتدت المواجهات أمس في محيط المسجد، وجرى تبادل اطلاق نار كثيف بين المتطرفين وبعض عناصر القوات الحكومية التي تحاصر المسجد.
وأفاد مصدر من داخل المسجد بمقتل طالب، من دون ان تؤكد السلطات النبأ.
وأكد مسؤول في قوات الامن ان القوات الحكومية تمارس ضبط النفس، «لكنها لا يمكن ان تترك اسلاميين يواصلون استهداف قوات الامن».
وكان الرئيس برويز مشرف منع شن هجوم على المسجد بسبب وجود نساء واطفال محتجزين فيه «كدروع بشرية»، بحسب السلطات.
في المقابل، سيطرت الشرطة امس على «الجامعة الفريدية» وهي مدرسة دينية مرتبطة بالمسجد الاحمر و«اعتقلت نحو عشرة طلبة ونقلتهم الى جهة لم يعلن عنها» على ما قال مسؤول في الامن الباكستاني لوكالة فرانس برس.
وتقع المدرسة على بعد ثلاثة كيلومترات من المسجد، غير ان السلطات بررت تدخلها بالخشية من ان يبادر طلبة هذه المدرسة الى فتح جبهة ثانية تضاف الى جبهة المسجد.
وأفاد غازي بأنه تلقى اتصالا هاتفيا من شخص تبنى اطلاق النار الجمعة على طائرة مشرف، وأوضح انه اقدم على هذا العمل رداً على محاصرة المسجد.
وكانت مصادر أمنية أفادت في وقت سابق امس بأن تحقيقا يجري حول احتمال وجود رابط بين اطلاق النار الجمعة على طائرة مشرف، واعمال العنف الجارية في المسجد الاحمر.
في غضون ذلك أعرب أعضاء في أحزاب دينية باكستانية عن أملهم امس في عقد محادثات مع رجل دين متشدد متحصن في مسجد في اسلام اباد، واقناعه باخراج الأطفال من بين مئات المتشددين من اتباعه المحاصرين في المسجد.
وتزامنت المواجهات في المسجد الاحمر مع اطلاق نار الجمعة بعيد اقلاع طائرة الرئيس برويز مشرف حليف الولايات المتحدة في «حربها على الارهاب» من قاعدة عسكرية. لكن الطائرة لم تصب.
ولفت مسؤولون في اجهزة الاستخبارات الى انها محاولة اعتداء جديدة على مشرف. وأكد مسؤول لوكالة فرانس برس «كانت محاولة فاشلة لاطلاق النار على طائرة الرئيس». في المقابل، نفى الجيش استهداف الطائرة. وأشارت مصادر امنية الى «امكان» ارتباط هذا الحادث بأعمال العنف في المسجد الاحمر.
(إسلام أباد - رويترز، أ ف ب)