على الرغم من أن إسناد حقيبة وزارة التربية في الحكومة الأخيرة للأستاذة نورية الصبيح لم يكن محل ترحيب من قبل البعض، لكنني كنت ممن نظروا إيجابيا، بل وبحماس الى الأمر، وذلك لكونها ممن عملوا ولسنوات طويلة في هذه الوزارة وتدرجوا في مناصبها بشكل سريع وملفت للانتباه، لما عرف عنها من جدية وتفان وحزم في العمل.

كنت، ولاأزال، أشعر أن الأستاذة الصبيح، وهي من تتحلى بهذه الصفات، من أفضل من يمكن أن تناط بهم هذه المسؤولية الثقيلة، في ظل التدهور الكبير لمستوى التعليم في الكويت خلال السنوات الأخيرة، بل ربما لا أبالغ إن قلت إني أتصور أنه إن عجزت هي عن أن تفعل شيئا لإصلاح حال وزارة التربية، بما لديها من خبرة ومعرفة بدهاليزها وخفاياها وأبعاد مشاكلها، فلا أظن وزيراً آخر يمكنه ذلك اليوم، في ظل الحجم المحدد والمعروف للصلاحيات الممنوحة الى الوزراء في الحكومة الكويتية.

Ad

لكنني اصطدمت منذ أيام بتصريح للنائب عبد الله عكاش نشرته بعض الصحف، يتهمها فيه بالطبقية والعنصرية، قائلا إنها تلفظت بكلمات في اجتماع لمجلس وكلاء وزارة التربية في حق أحد الوكلاء فُهم منها الانتقاص من فئة «البدو»، وأنه يدعو لذلك لجنة الشؤون التعليمية في البرلمان الى استدعاء الأستاذة الصبيح والتحقيق معها!

الأمر مزعج فعلا، لكنني أرجو أن لا يعدو الأمر سوء فهم والتباس، لكوني لاأزال أظن خيراً بالأستاذة الصبيح، ويصعب علي أن أتخيل أنها، وهي المتخصصة في التربية والتعليم، تتلفظ بمثل هذه الألفاظ الفئوية البغيضة التي تضرب في أساس وحدة كل أبناء هذا الوطن من كل الفئات والطوائف بلا تفرقة ولا تفضيل.

كلي يقين أن الأستاذة الصبيح تدرك أن البدو والحضر، والسنّة والشيعة، جميعا بلا استثناء، أبناء للكويت، قدموا عرقهم ودماءهم، وتضحياتهم لهذا الوطن، وأن كل من يسعى الى الانتقاص من قيمة فئة لحساب فئة أخرى، مهما كانت ذريعته، إنما هو ضالّ وظالم لنفسه وأهله ووطنه، ويجب الضرب على يده، كائنا من هو وفي أي موقع كان.

أتمنى فعلا ألا تتردد الأستاذة الصبيح في الالتقاء باللجنة البرلمانية لإزالة اللغط المثار حول هذا الموضوع المشين، بل وأن تسارع بنفسها الى تفنيد كل ما نشر حوله، ليس من باب أنها في محل شبهة، ولكن من باب أن منصب وزير التربية، على وجه الخصوص، يجب أن يكون بعيداً كل البعد عن مثل هذه الأمور، لأنه رأس الهرم التربوي الذي يفترض فيه أن يكون قدوة للجميع في غرس مبادئ الوطنية والتسامح والتعايش في نفوس الأجيال.

وإني حتى الساعة لاأزال أرجو الخير على يد الأستاذة نورية الصبيح لمصلحة قطاع التربية والتعليم.