Ad

«العلماء» اليوم الذين يقفون على أبواب الحكام، وهم يطبّلون ويزمّرون لهم ويأتمرون بأوامرهم، هم تلك الفئة البائسة من المثقفين الذين يطلق عليهم تعدياً وتجاوزاً «النخبة» والتي لاهمّ ولاغمّ لها إلا الاعتداء على مشاعر جمهور الأمة في كل شيء، وفي كل باب، وعلى جميع المستويات، ولا يراعون تلك الكتل الجماهيرية الكبرى من الناس.

وأنا أتابع تطورات الأحداث في أمصار بلادي من الوطن العربي الكبير والعالم الإسلامي الأكبر من طنجة الى جاكرتا «نعم (بلادي في هذا العالم الإسلامي)، لمن قد يكون مستغرباً، وهو يقرأ مثل هذه اللغة في هذه الأيام الغريبة على الأمة»، وهي تسمع «رنين» أصوات حركة بساطل جنرالاتها «المدنيين» منهم والعساكر على السواء، ومعهم عساكر الخارج من النوعين أيضاً وهم يتباكون على الديموقراطية مرة والحريات مرة أخرى وعلى حقوق «الإنسان» دوماً، وأخيراً وليس آخرا، على العلمانية والنظام العلماني وعملية سلام الشرق الأوسط الموهومة والمصطنعة! لا يسعني إلا أن أتذكر هنا ذلك القول الشهير لأحدهم إذ قال «إذا رأيت الحكام على أبواب العلماء فقل نعم الحكام ونعم العلماء، وإذا رأيت العلماء على أبواب الحكام فقل بئس الحكام وبئس العلماء»!

«العلماء» اليوم الذين يقفون على أبواب الحكام، وهم يطبّلون ويزمّرون لهم ويأتمرون بأوامرهم، هم تلك الفئة البائسة من المثقفين الذين يطلق عليهم تعدياً وتجاوزاً «النخبة» والتي لاهمّ ولاغمّ لها إلا الاعتداء على مشاعر جمهور الأمة في كل شيء، وفي كل باب، وعلى جميع المستويات، ولا يراعون تلك الكتل الجماهيرية الكبرى من الناس لا في مشاعرهم ولا في أحاسيسهم ولا في معتقداتهم. المهم مراعاة الحاكم ومداراته وتسويق حاجاته في سوق البيع والشراء لأسهم البورصة أو سوق النفط العالمي أو سوق النفايات من الفن الهابط والمفاهيم والمقولات الهابطة في فضائيات «ستار اكاديمي والخلع لكل أشكال الهوية الثقافية والدينية المحلية والوطنية» واستبدالها بهويات عولمية «راقية وتقدمية» ومن ثم الضرب «من تحت الزنار» كما يقال لكل من، أو ما، هو رمز لهذه الأمة؛ نعم الأمة بكل ما تعني كلمة الأمة في ضمير ووجدان الناس من الكتل الجماهيرية الكبرى، وتحطيم صورة المقدس في المشهد العام بحجة أنه لا مقدساً في عالم الواقعية السياسية والفكرية الجديد الذي يلف العالم المعاصر! لكن سرعان ما يتم استبداله بكل ما هو قادم من الخارج المعولم بحجة أنه البديل الواقعي والوحيد المتاح!! ويصبح هو المقدس الذي لا يقبل النقد ولا يأتيه الباطل من أمامه ولا من خلفه والعياذ بالله!!

وإلا ما معنى أن تصبح قضية فلسطين بين ليلة وضحاها هامشية وطوباوية ومعكرة للمزاج التصالحي الشرق اوسطي؟!

أو ما معنى أن تصبح القومية العربية حلماً رجعياً يعكر المزاج السياسي العام لمدرسة الحداثة والعلمانية التقدمية التي ترفض التقوقع على الذات؟!

أو ما معنى الترويج بأن «عالم القيم الدينية والاعراف والتقاليد والتراث»، -الخلط هنا مقصود ومتعمد- هو عالم لا يصلح لزماننا الراهن الذي تجاوز عصر الأيديولوجيات؟!

أليس هذا مقدمة يُراد من ورائها تهيئة الأجواء لضرب فكر المقاومة والممانعة ومن ثم تشويه صورة المقاومين والممانعين في أعين العامة من الناس وإظهارهم وكأنهم هم العقبة أمام تقدم هذه الأمة؟!

وهكذا يصبح السيد حسن نصرالله هو الذي يصادر لبنان وقراره لمصلحة دمشق وطهران، وعليه أن يعيده إلى أهله، بينما يصبح المجتمعون تحت راية كوندوليزا رايس في عوكر أثناء قصف القنابل الذكية الأميركية للبيوت اللبنانية من أجل ولادة شرق أوسط جديد من رحم الأمهات الشهيدات في قانا، هم السياديين والاستقلاليين واللبنانيين الحقيقيين؟!

ويصبح الإيرانيون هم الخطر الذي يهدد الأمة، وهم المخربون لعملية المزاج التصالحي الشرق أوسطي!

ويصبح «الحماسيون» و«الجهاديون» و«الفتحاويون» الشرفاء هم الذين يهددون الأمن القومي العربي لأنهم عملاء إيران المتضامنة مع قضية أكل الدهر عليها وشرب، وما دخلهم أصلا فيها؛ فهي أرض العرب وهم أحرار في التصرف بها!

وهكذا يصبح أحمدي نجاد رجلاً طوباوياً و«مجنوناً» وخطراً يهدد الأمن الدولي لأنه يناقش المسألة اليهودية ويطالب الأوروبيين بإيجاد الحل لها على أرضهم وليس على أراضي وحساب الغير، ويُتهم بأنه يريد شطب دولة من الخريطة في الوقت الذي قاموا هم بارتكاب جريمة العصر بشطبهم شعب وأمة من الخريطة منذ ما يزيد على نصف قرن بطريقة حرب الإبادة الشاملة ولايزالون مصرّين على الاستمرار في فعلتهم النكراء.

وعندما يريد أن يتصدى لهم «نصرالله» وأمثال نصرالله من العرب والمسلمين، يصبحون هم المعتدين وهم الأغراب وهم الطارئين ومن قبل من؟ من النخبة العربية التقدمية وصحافتها الحرة التي تتربع على عرش الحريات الذهبي في الغرب الحر! والله صدق الذي قال «اللي استحوا ماتوا» وفهمكم كفاية!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي الإيراني