Ad

السُلطة حينما عقدت تحالفها مع الإسلاميين بفئاتهم وتوجهاتهم منذ أكثر من ربع قرن، كانت تطمح إلى السيطرة الكاملة على الدولة، وليس انغماسُها في اللعبة السياسية إلا استكمالاً لمشروعها القديم، ومع ذلك أتى الوقت الذي أفلت فيه زمام الأمور من يدها، وحان موعد تقديم استحقاقها للغول الذي خلقته.

قدم النواب ضيف الله بورمية ووليد الطبطبائي وعلي العمير صباح أمس الأول، طلبي استجواب بحق وزير المالية للأول والعدل والأوقاف للثاني والثالث، ومذاك والبلد على شفير عاصفة أخرى من عواصف حَلّ مجلس الأمة.

الاستجوابان أتيا من نواب رعتهم الدولة جيداً، فغضت الطرف عن معاملاتهم الخدمية، وبفضلها نراهم يعودون إلى مقاعدهم الخضراء داخل قاعة عبد الله السالم، على حساب الوزراء الذين يغادرونها، وهي التي تساهلت مع تجاوزات جمعياتهم الخيرية، وهي التي تساهم ربما دون أن تدري في تعزيز وضعهم السياسي والبرلماني.

السُلطة حينما عقدت تحالفها مع الإسلاميين بفئاتهم وتوجهاتهم منذ أكثر من ربع قرن، كانت تطمح إلى السيطرة الكاملة على الدولة، وليس انغماسها في اللعبة السياسية إلا استكمالاً لمشروعها القديم، ومع ذلك أتى الوقت الذي أفلت فيه زمام الأمور من يدها، وحان موعد تقديم استحقاقها للغول الذي خلقته.

شخصياً استغربت توقيت الاستجوابين، إذ قُدما مع اقتراب شغل المقاعد الحكومية الشاغرة، وقُبيل بدء دور الانعقاد بثمانية أيام، وبُعيد دعاوى رسمية وسياسية بوجوب التهدئة من النواب والحكومة ليعبر البلد إلى شاطئ الآمان، وهو ما دعاني إلى الاقتناع بأنها محاولة «ابتزاز»، أقدم عليها المستجوبون لتحقيق مكاسب سياسية و«شوارعية» في آن واحد، ولدفع رئيس الوزراء إما لإعفاء الوزيرين من التشكيل المرتقب رضوخاً للنواب الثلاثة، أو المضي قدماً في برنامج الحكومة ووزرائها من دون الالتفات إلى الغبار النيابي، وفي كلتا الحالتين خير له ولهم، ولنا أيضاً!

ولكن قبل اتخاذ أي موقف من الاستجوابين، ألسنا مطالبين بمساءلة رئيس الوزراء عما قدمته حكومته طوال العامين الماضيين لهؤلاء النواب الثلاثة، وحينما يقدم على أحد خياريه المُرّين، ألا يجب عليه مساءلة أعضاء حكومته عن جردة المعاملات التي مرروها للمستجوبين، ومدى قانونيتها، وتمت بإيعاز ممن؟... هذا طبعاً بعد أن يسائل نفسه مراراً عما حققت له مشاوراته الماراثونية التي أتت بحكومة لم تصمد أمام المجلس ثلاثة شهور، وقبل أن يتعذر وطاقمه بعدم إمكان التعاون مع البرلمان، إن كان لايزال يتبنى الفكرة.

بعد كل هذا، ألا تصح قناعتنا بأن الاستجوابين بمستجوبِيهما ومستجوبَيهما، ما هما إلا ترجمة كويتية للمثل «فخار يكسّر بعضه»، حتى وإن صلُحت النوايا وساء التدبير!