المفاجأة الحقيقية في كل ما شهدته البلاد خلال الأسابيع الماضية من شد وتأزيم وأخذ ورد صاحبت استجواب وزير النفط (السابق) الشيخ علي الجراح... كانت في توقيت استقالة الجراح التي قدمها في 22 /5 /2007، أي قبل موعد الاستجواب بأكثر من شهر، وبعد ردود الفعل الأولى التي صاحبت مقابلته الصحفية مع الزميلة «القبس».
وإحقاقاً للحق، كشف تاريخ الاستقالة تصرفاً حكيماً من الوزير الجراح، خصوصا اشارته في كتاب الاستقالة الى القول «انني ادرك حجم المسؤولية التي أتحملها، وكذلك التضحية التي ينبغي أن أضعها في الاعتبار، وتجنباً لأي مضاعفات قد تحمل اساءة لشخص سموكم أو للحكومة... وحتى لا أكون عبئاً على سموكم، فإنني اضع استقالتي من منصبي كوزير للنفط في حكومتكم الموقرة...». تلك الاشارة تؤكد قراءة مبكرة لنتائج جاءت متأخرة، لكنها استبقت الأحداث بمبادرة الوزير التي لم تُقبل وتحسم الأزمة منذ شرارتها، لكن هناك من رجح المواجهة وان كان ثمنها الحقيقي وضع الوزير الجراح وشخصه ومستقبله السياسي وتعطيل عطاء الدولة واشغال اجهزتها ومؤسساتها بتداعيات الاستجواب... هؤلاء الذين رسموا و«حسبوا» الأمور بغير حساباتها الدقيقة، هم الذين قضوا على الجراح وهم الذين دفعوه إلى المقصلة السياسية حرصاً على مصالحهم وليس بحثاً في مصلحته. كان بإمكان سمو رئيس الوزراء أن يحسم الأمر ويقبل استقالة الجراح، لكن من أشار عليه بضرورة المواجهة لم يقدم المشورة الصحيحة، وتكلفتها أغلى من التضحية بالجراح الذي -إن اختلفنا أو اتفقنا على أدائة في الاستجواب- نقدر له مبادرته المسبقة وقراءته الأرجح من قراءات من يعتقدون أنهم «محترفو» سياسة يعرفون قياساتها، لكنهم يخطئون في حساباتها والثمن اداء حكومة الشيخ ناصر وتعطيل الانتاج ومستقبل الجراح... لو كنت مكان الجراح لما تركت الأمور تسير على عواهنها ولوضعت النقاط على الحروف، حتى لا تستمر عمليات إسداء النصيحة الخطأ في الوقت الخطأ، وحتى لا تتحول المشورة الخطأ إلى «الرأي السديد» والحكيم، وحتى يعرف أولي الأمر وصناع القرار كم من النصائح هي في حقيقتها نصائح لمصالح على حساب الناس ومستقبلهم وعلى حساب الوطن... نقول وبكل ثقة: نسجل للوزير الشيخ علي الجراح حُسن قراءته ورغبته في وأد الفتنة والتأزيم قبل بدايتهما، كما نسجل على الآخرين سوء قراءتهم أو سوء نواياهم... والله أعلم!
مقالات
من ظلم الجراح...؟!
03-07-2007