Ad

إن كان أحد قد صدَّق الغرب في حكاية الجنون الإيراني، فالأجدر به أن يصدق، وأنا أصدق هذه الجزئية بالذات، أن سماءنا ستعج بالصواريخ الغادية والرائحة في الدقائق الأولى من الحرب العالمية الثالثة التي يهدد بوش بإشعالها!

يحلو للساسة في الغرب، ولأجهزة إعلامهم هذه الأيام أن تنعت الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد «بالمجنون»، وقد تزايد استخدام هذا النعت في حق الرجل في الآونة الأخيرة لسببين رئيسيين، أولا: موقفه الصلب، أو العنيد، حيال موضوع الملف النووي، ورفضه تقديم أي تنازلات للغرب، وبالأخص للإدارة الأميركية، في هذا الصدد. وثانيا: لأن نجاد، ودون أي مواربة أو تزويق سياسي، شكك بحقيقة الهولوكوست، وبمصداقية ما يقوله اليهود عن حجمها، هذان الموقفان «المتطرفان» بحسب المقياس الغربي، جعلا منه مجنوناً في نظرهم!

منذ أيام التقيت مصادفة بشخص أميركي اتضح لي بعد حوار قصير معه أنه عميل متقاعد من المباحث الفدرالية الأميركية (FBI)، سألني الرجل بعدما علم أنني من الكويت عن الأوضاع في المنطقة، فأجبته بأن المنطقة ستبقى متوترة طالما بقيت بلدانها تطفو على الكثير من النفط والقليل من الديموقراطية، ابتسم وهو ينتقل الى الحديث عن المجنون الإيراني إياه وتهديداته النووية، فقلت له ان جماعتكم في الطرف الآخر لا يتعاملون مع الموضوع بطريقة أفضل منه بكثير، فهز رأسه موافقاً.

أتصور أن هذا هو الأمر الذي يجب أن نتفكر فيه ملياً، إن كنا سنوافق الغربيين في مسألة أن أحمدي نجاد ومن معه هم زمرة من المجانين، بالرغم من أنني لا أرى ذلك شخصيا، فسيصبح من الحتمي بعدها أن نتساءل عما يفعله «العقلاء» حول العالم للتعامل معهم؟!

كل ما أراه هو أن «العقلاء» في الإدارة الأميركية يهددون بشن الحرب ضدهم، إلى الحد الذي وصل إلى أن يقول جورج بوش إنه مستعد لإشعال حرب عالمية ثالثة في سبيل ذلك، متجاهلاً بذلك كل التحليلات والتحذيرات من النتائج الكارثية سياسياً وأمنياً واقتصادياً على مستوى كل العالم لمثل هذه الحرب!

منذ أيام صرح محمد شهرباقي، وهو أحد الجنرالات في الحرس الثوري الإيراني، بأن لديهم 11 ألف صاروخ ستنطلق دفعة واحدة على كل القواعد والمصالح الأميركية المرصودة في المنطقة بمجرد حصول الاعتداء على إيران، وأن الرد سيكون مدمراً، ولا يحتاج الأمر منا إلى تفكير كثير لندرك أين يقع كثير من هذه القواعد والمصالح، ولذلك إن كان أحد قد صدَّق الغرب في حكاية الجنون الإيراني، فالأجدر به أن يصدق، وأنا أصدق هذه الجزئية بالذات، بأن سماءنا ستعج بالصواريخ الغادية والرائحة في الدقائق الأولى من الحرب العالمية الثالثة التي يهدد بوش بإشعالها!

لذلك لابد أن نسأل، ماذا فعل «عقلاؤنا» لإخماد هذه الحرب التي قد تشتعل في أي لحظة؟! وماذا فعلوا على الأقل، لإبعاد خطر المصالح الأميركية المستهدفة عنا وعن بلداننا؟!

أعتقد أن تعريف العقلانية وتعريف الجنون صارا يحتاجان منا اليوم، والحالة ما نرى، إلى إعادة نظر، ألم يقل الزعيم الفرنسي الشهير شارل ديغول يوما إن من لا يمتلك الأسلحة النووية فلا يمتلك الاستقلال في عالم القرن العشرين! إذاً فليس المجنون من يدافع عن حق بلاده في الاستقلال، وإنما المجنون من يدفع العالم بأسره إلى اللهاث وراء التسلح، ومن يهدد العالم اليوم بإشعال حرب عالمية ثالثة!