وجهة نظر : تجارب الوجوه الجديدة ومستقبل السينما

نشر في 17-03-2008
آخر تحديث 17-03-2008 | 00:00
 محمد بدر الدين شهدت السينما المصرية في المواسم الأخيرة ظاهرة لافتة في عدد من التجارب السينمائية وهي الابتعاد عن النجوم والاعتماد على وجوه جديدة بينها ممثلون كثر يقفون أمام كاميرات السينما للمرة الأولى.

ويرى البعض أن مستقبل السينما يكمن في هذه التجارب، فهي دائما، في المراحل كلها، سينما الجديد والشباب، تعتمد عليهم وتتوجه إليهم، بينما يرى فريق آخر أن ذلك لا ينطوي إلا على محاولة للتخفيف أو التخلص، من شروط النجوم وأجورهم، التي باتت تمثل ضغطاً وعبئاً وأن منتجي الأفلام كعادتهم يبحثون عن الأقل كلفة والأكثر ربحاً.

وفي تقديرنا أن الخطأ، والخلط غير قليل في مثل هذا الجدل، يرجع إلى آفة الوقوع في التعميم، فبعض هذه التجارب هي بالفعل محاولات جادة من أجل الجديد تودّ كسر الأنماط السائدة في الإنتاج والسوق، بينما يكون دافع صانعي أعمال سينمائية أخرى منطق التجارة والتخلص من أجور النجوم الكبيرة.

ونلحظ أن أول وأسطع مثال بدت فيه الجدية وروح التجديد هو فيلم «أوقات فراغ» للمنتج الجاد المعروف حسين القلا وإخراج محمد مصطفى.

أما أحدث وأوضح مثال مضى فيه أصحابه إلى «التوفير» و«التقتير» والتخلص من أجور النجوم فهو فيلم «لحظات أنوثة» إنتاج خبير التجميل المخضرم محمد عشوب وإخراج مؤنس الشوربجي.

وتعتبر تجربة مخرجَي الفيلمين جديدة أيضاً، لكن شتان بين مستوى مخرج «أوقات فراغ» ومستوى مخرج «لحظات أنوثة»، مثلما شتان بين الفيلمين إنتاجاً ومعالجة وسيناريو وفي ما يخص الوجوه الجديدة، ما يشير الى أهمية الموهبة وهو ما ظهر في الفيلم الأول وبوضوح خصوصاً في قابلية هذه الوجوه لمزيد من النضج بالتأكيد، بينما الوجوه الجديدة في الفيلم الثاني عاجزة عن الأداء والإحساس بما تؤديه وهي خالية من الموهبة أو أي درجة من الحضور، وفي مقدمهم ابن المنتج نفسه عادل عشوب!

وهكذا فإن التعميم خطأ وخلط لأوراق وأمور، ولا يؤدي إلا الى المزيد من التشويش. من هنا، المهم والحاسم والمعيار، هو توافر الموهبة.

وبين المثالين اللذين سقناهما تقف تجربة سينمائية بارزة مثل فيلم «استغماية» للمخرج عماد البهات، وهو فيلمه الأول وعمله الطموح، محمل بالرغبة في التعبير عن قضايا وهموم اجتماعية ونفسية بل وفلسفية، لكن «الحمولة» كانت زائدة، فلم تتحملها إمكانات الفيلم، خصوصاً أن صاحبه، هو مخرجه وكاتبه ايضاً، إعتمد أولاً وكثيراً في توصيل تأملاته وأحاسيسه وهواجسه على الحوار، ناسياً أن الصورة السينمائية هي الأساس على الرغم من أنها لم تخل من قرائن تؤكد موهبته وفهمه لأصولها، لكن، اجمالا، أفلتت منه التجربة، ليس بسبب وفرة الحوار بل لافتقاد الفيلم إلى الاحتكاك والتواصل الحار بينه والجمهور.

تكاد المآخذ والنواقص نفسها، تنطبق على تجربة سينمائية أخرى هي فيلم «على الهواء» للمخرج إيهاب لمعي، وهو عمل يعبر عن فكرة الزيف المتفاقم والمخيم على حياتنا، من خلال سيناريو يعرض لما يسمى برامج «تلفزيون الواقع». عرض في مهرجان القاهرة الأخير ومن المنتظر عرضه قريباً على الشاشات السينمائية.

يتضمن هذان المثالان الأخيران نية حسنة ظاهرة ووجوها جديدة بعضها موهوب ولافت، لكنهما تعثرا وتلعثما لعدم بلوغهما النضج الفني ومن ثم افتقدا الى التواصل والحرارة والتأثير.

لا يكمن النجاح والنضج في تقديم تلك التجارب في مدى الاعتماد على وجوه جديدة أو لا، إنما في وجود المواهب الحقيقية أو عدمه.

back to top