خذ وخل: لجنة التعديات على الديموقراطية

نشر في 09-04-2008
آخر تحديث 09-04-2008 | 00:00
 سليمان الفهد

الحق أن إزالة التعديات على أملاك الدولة لا يجوز أن تكون محصورة فقط في هدم الدواوين والحدائق المخالفة فقط لا غير، ذلك أن استباحة بر الكويت وساحله تتبدى في «الشاليهات» وكل المباني المستحوذة على سِيف البلد وساحله منذ عشرات السنين!

* لا أفهم كيف يستقيم موقف النواب الغيورين على المال العام، كما يتبدى لنا من مواقفهم الحماسية داخل المجلس، وبين موقفهم الرافض لإزالة التعديات على أملاك الدولة؛ بدعوى أن الدواوين: إرث اجتماعي حضاري حريّ بنا المحافظة عليه! ولا حاجة بي إلى القول إن هذه المرافعة: حق يراد به باطل! ذلك أن موقف النواب السابقين السالف والسيئ الذكر يدافع عن الخطأ؛ توسلاً لإرضاء مشاعر الناخبين المخالفين، ورغبة في كسب أصواتهم؛ من دون أن يرف لهم جفن حالة الفصام المعرية لسوءة موقفهم المتناقض من مسألة حماية المال العام!

البلية في هذه الديرة اضطرارك إلى الجدل في البديهيات التي لا جدال فيها! كأن تقول له: هذا ثور، فيقول لك: احلبه! ونقول له: هذا اعتداء صريح، واستباحة واضحة «مصلعة قرعاء» لأملاك الدولة، فيلوذ بالكيل بمكيالين استجابة لضغوط الناخبين الذين يخشى أن يفقد تأييدهم، لو أنه اتخذ الموقف المتناغم مع غضبته المضرية الحماسية ضد استباحة المال العام!

ولعله من فضول القول إن موقف هؤلاء النواب السابقين ومن لف لفهم ينطوي على تماه مع الخواجة :مكيافللي» مؤلف كتاب «الأمير» وصاحب المقولة الشهيرة: «الغاية تبرر الوسيلة»! ناسين ومتناسين القاعدة الفقهية القائلة: الجزاء من جنس العمل، وهو قوام عمل اللجنة المعنية بإزالة التعديات؛ التي نأت بنفسها عن الخوض في الجدل الدائر في شأن فعلها الصارم، مكتفية بالتأسي بمقولة هارون الرشيد لملك الروم: «الجواب ما تراه... لا ما تقرؤه!» أو مقولة «يوسف بن تاشفين قبيل معركة «الزلاقة» الشهيرة «الجواب ما ترى... لا ما تسمع» من هنا لا بأس على اللجنة المركزية من هذه الجعجعة التي يلعلع بها المرشحون في الندوات، ويصرخون بها للمريدين المؤيدين خشية أن يفقدوا أصواتهم الثمينة! والحق أن فعل اللجنة لم يقوض الدواوين المخالفة فحسب؛ بل إنه هدم معمار الشعارات الحماسية الخاوية التي يتشدق بها أولئك الذين يزعمون حرصهم على المال العام! إن الحق أحق أن يتبع في كل زمان ومكان، كما يعرف القاصي والداني، ولكن «أخْ من ولكن هذه!» ولكن ماذا تقول في ذلك النفر من النواب والمرشحين الذين يرومون تغطية شمس العدالة بمنخال المصالح الشخصية! والذي يعزينا في هذا السياق هو أن فعل لجنة التعديات يسير بجدية وصرامة تنفذ على الجميع، وقد أشارت الصحف أمس إلى أنها أزالت تعديات تعود إلى بعض أفراد الأسرة الحاكمة من دون وجل أو تردد، كما هو دأبها وديدنها مع المواطنين المخالفين كافة.

* وأذكر بهذه المناسبة إزالة تعديات بعض أفراد الأسرة؛ أن رئيساً للمجلس البلدي هو العم «بو وائل» محمد يوسف العدساني شاهد في بر الكويت مبنى مخالفا أمر فوراً بإزالته رغم أنه يعود إلى سمو أمير البلاد الراحل الشيخ صباح السالم «رحمه الله وغفر له»، والذي تقبل القرار بروح سمحة، وصدر رحب، واستجابة حضارية يوثقها التاريخ في ميزان مناقبه وحسناته، أعرف سلفا أن العم «أبا وائل» قد لا يرغب في نشر هذه الواقعة... لكنها باتت ملكاً للتاريخ، فضلا عن أن الظروف الحالية تستوجب إشهارها لكي يعي الجميع أن القانون الحق، لا يعرف الاستثناء ولا التمييز مطلقاً، أيا كانت الأسباب والمبررات!

والحق أن إزالة التعديات على أملاك الدولة لا يجوز أن تكون محصورة فقط في هدم الدواوين والحدائق المخالفة فقط لا غير، ذلك أن استباحة بر الكويت وساحله تتبدى في «الشاليهات» وكل المباني المستحوذة على سِيف البلد وساحله منذ عشرات السنين! إن العديد من المواطنين الشرفاء الغيورين على الصالح العام اختاروا أن يقتصوا من أنفسهم، فبادروا بهدم دواوينهم، وإزالة حدائقهم، ونفي كل مخالفة معمارية شيدت وسط غفلة من الحكومة الرشيدة! وموقف هؤلاء المواطنين مشرف يستأهل التثمين ويستحق التأسي من بقية كل المواطنين المخالفين، ويبدو أن البلاد بحاجة ماسة إلى لجنة مركزية جادة حازمة حاسمة لإزالة التعديات على فضاء الديموقراطية، كما تتجلى في الانتخابات الفرعية، وبورصة الأصوات الانتخابية التي يشيدها المال السياسي في كل انتخابات للناخبين ذوي شعار: كلما قلت له خذ. قال: هات!!

back to top