على الصعيد الدولي، يؤيد بعض الاتفاقيات الأخذ بنظام «الكوتا» ويطلق عليه «التدابير الخاصة المؤقتة لتحقيق المساواة أو التعجيل بها»، وتحتوي بنود هذه الاتفاقيات على أهلية النساء لتقلّد المناصب العامة وممارسة الوظائف العامة على قدم المساواة مع الرجال «من دون تمييز»... تلك الكلمة التي أجبرت القائمين على تصميم النظم الانتخابية أن تكون «الكوتا» مؤقتة، حتى لا تُحتسب تمييزاً للمرأة على الرجل.استوقفني خبر قرأته قبل أيام عدة بشأن مطالبة نساء بنغلاديش بتعديل القوانين الانتخابية الخاصة بهن، وذلك بزيادة عدد المقاعد البرلمانية المخصصة «للنساء فقط» إلى 45 مقعداً بعد أن كانت 15... ولم لا؟ فتمثيل النساء في مواقع صنع القرار حسب الدراسات والإحصاءات في أغلب الدول، بما فيها مدن الديموقراطيات العريقة، مازال محدوداً، ونسبة التمثيل البرلماني النسائي مقارنة بعدد أعضاء البرلمان في العالم، مازالت متدنية.
وقبل أن نبحث في أسباب تراجع التمثيل النسائي التشريعي، وندخل في دهاليز الوعي بالعمل السياسي، ومرونة المجتمعات في تخطي الحواجز الاجتماعية، دعونا نبحث في مصطلح «الكوتا» وما يحمله من معان ٍ.
«الكوتا» (باللغة الانكليزية quota) معناها «نصيب» أو «حصة نسبية»، ويرجع الأصل التاريخي لنظام «الكوتا» إلى مصطلح «الإجراء الايجابي» affirmative action، الذي لم يقتصر على العمل السياسي فقط، إنما استخدم نظام «الكوتا» في بعض الدول الغربية لتحديد نسبة معينة لقبول الطلبة المنتمين إلى الأقليات الإثنية في النظام التعليمي، وتحديد نسبة لتوظيف المعاقين في سوق العمل، ثم شملت «الكوتا» قضية محدودية التمثيل البرلماني للمرأة، فبرز مصطلح «الكوتا المؤقتة»، أي تحديد مقاعد للنساء لكن لفترة معينة، أي نسبة مئوية مشروطة بتلاشي الحواجز التي تؤخر وصول النساء إلى البرلمان ويتم الغاؤها بعد تحقيق الغرض.
وتتباين الدول في التعامل مع «حال» التمثيل النسائي في البرلمان، في حين ينتظر بعضها فترة التعديل الدستوري ليطرح فكرة النسبة المئوية للتمثيل النسائي كجمهورية اوزبكستان، وذهب الأوزبكيون إلى أبعد من ذلك بطرحهم تشريعات جديدة لتخصيص دوائر انتخابية للنساء فقط. ويكتفي البعض الآخر بتطوير الأداء البرلماني للمرأة ورفع قدرتها التنافسية، لتصل إلى البرلمان.
أما على الصعيد الدولي فتؤيد بعض الاتفاقيات الأخذ بنظام «الكوتا»، وتطلق عليه «التدابير الخاصة المؤقتة لتحقيق المساواة أو التعجيل بها»، وتحتوي بنودها على أهلية النساء لتقلد المناصب العامة وممارسة الوظائف العامة على قدم المساواة مع الرجال «من دون تمييز»... تلك الكلمة التي أجبرت القائمين على تصميم النظم الانتخابية أن تكون «الكوتا» مؤقتة حتى لا تُحتسب تمييزاً للمرأة على الرجل.
وفي الوقت الذي تستمر فيه دول شرق آسيا العاشقة للتعديلات الدستورية في اتخاذ تشريعات مؤيدة لـ «الكوتا»، تذهب أغلب التشريعات في الدول العربية إلى عدم الأخذ بنظام «الكوتا» بحجة إخلاله بمبدأ دستوري مهم، هو مبدأ المساواة، ومن بين هذه الدول الكويت وتونس والجزائر واليمن ولبنان والسعودية وقطر والبحرين والإمارات وسورية وعمان.
أما التشريعات المؤيدة فهي إما تقر تخصيص عدد من المقاعد للنساء، وإما توجب تضمين القوائم الانتخابية حداً أدنى لتمثيل المرأة ومنها المغرب والأردن والسودان والعراق وفلسطين ومصر.
خلاصة القول... إن وصول المرأة إلى البرلمان من خلال خوضها الانتخابات التنافسية في إطار المساواة مع الرجل في أحقية الترشيح، أمر لا يختلف عليه اثنان، لكن سبل تعديل القوانين الانتخابية لتوفير «الفيتامين السياسي» لتوصيل المرأة إلى مقاعد البرلمان... ستكون عنوان المرحلة القادمة.