خذ وخل: في ذم الاستجواب البلاأسباب!

نشر في 02-09-2007
آخر تحديث 02-09-2007 | 00:00
 سليمان الفهد

لم يبق لنا سوى «استيراد» وزراء لا يعملون البتة، خشية وقوعهم في الخطأ أو الخطيئة! وإذا عملوا يحرصون على عدم الوقوع في الزلل خشية قطع رزقهم، وإنهاء عقودهم و«تفنيشهم» وتسفيرهم إلى بلادهم على الطائر «المينون» بجرة «فرمان» حكومي معتبر!

واضحٌ أن في عرف مجلس الأمة «الراشد» هو أنه -بالضرورة- الشروع في استجواب الوزير منذ توزيره! الأمر الذي أفضى بأصحاب القدرات والخبرات إلى الاعتذار عن الوزارة والتوزير! وكأن مجلس الأمة يروم استجواب الشعب الكويتي جله، إن لم يكن كله، عبر حق الاستجواب الدستوري! وكأنهم يرغبون في وزير ملاك، طاهر كما ولدته أمه: لا يكبو، ولا يقع في الخطأ ولا الخطيئة!

والمؤسف، أن جنس الملائكة لا يُستوزرون مكتفين بالتكليف الرباني الخير الذي يؤدونه ليل نهار، بمنأى عن أي تدخل بشري ما أنزل الله به من سلطان!

ويبدو لي أن «إسهال» الاستجوابات الذي ابتليت به الحياة البرلمانية: لا علاج له بأي وسيلة علاجية كانت... مهما كانت ناجعة وصحية! ولم يبق للوزراء المستوزرين -والأمر كذلك- سوى اللجوء إلى السبل العلاجية التقليدية الفولكلورية التي عفى عليها زمن التحديث، علَّها تخفف من شدة وتواتر «إسهال» الاستجوابات إياها! ورغبة من العبد لله في الإسهام بطرح بعض الاقتراحات والحلول المتوسلة للخروج من نفق الاستجوابات إياها، فإنه يدحرج بعضها، رغم ما تنطوي عليه من خيال وفانتازيا... غريبة لها العجب!

- أولاً: أن يتم اختيار الوزراء الجدد جميعهم من المواطنين الشيّاب الذين شبعوا من الدنيا، ولم يعد فيها ما يغريهم سوى مرضاة الله تعالى، والتقرب إليه في كلامهم وممارساتهم... وحتى أحلامهم التي تداهمهم ليلاً ونهاراً!

- وإذا لم يرُق لأحد هذا الاقتراح، نطرح غيره، والمتبدي في توزير مواطنين أغنياء ميسورين قانعين بما عندهم، ولا يحفلون «بتجيير» المصاريف السرية لكيسهم الخاص، فضلاً عن أنهم لا يعنون بتوظيف أقاربهم ومريديهم وأبناء عشيرتهم وطائفتهم ومن لف لفهم، الذين يشكلون عزوتهم!

- أما الاقتراح الثالث: فيكمن في أن يكون أعضاء الوزارة من «المطاوعة» «الأتقياء»... «المتعففين»... عن المنصب الوزاري جملة وتفصيلاً، ولعل الاقتراح الزين الأمثل يكون في إلغاء مجلس الوزراء برمته، وإيكال مهمته إلى القطاع الخاص... كقطاع البنوك والمصارف... بما فيها بنك التسليف والادخار، وبنك الدم، وبنك المعلومات! لست أمزح في هذا السياق لا سمح الله! ألا تجدون أن العمل في البنوك سريع وجاد ويخلو من الهنات والكبوات والأخطاء والخطايا التي تسكن الوزارات وتعشش في جنباتها؟!

ولحسن حظ دولة الكويت وضواحيها أنها لن تعير كلام العبد لله أدنى اهتمام، خاصة حضرات النواب الذين استمرؤوا الاستجوابات وأدمنوها -بحق وباطل- ولا أخالهم سيكفون عنها سوى في حالة واحدة «بس» تكمن في غياب أو تغييب أعضاء الحكومة الرشيدة! ولا يظن أحد -آثما- أن نفي الحكومة، وإحالة أعضائها إلى الاستيداع المؤبد ليتربعوا هانئين في متحف «الطيموقراطية» الكويتية، سيئ وخرافي ومجنون وما إلى ذلك من صفات ومسميات شاذة لا سوية! حاشا أن يكون كذلك فنحن -معشر الصامدين أثناء الاحتلال- جرَّبنا الحياة بكل تجلياتها، ولم نشعر بمكابدة غيابها وتغييبها القسري!

نعم كان ثمة قيادة تحكم مجتمع الصامدين، لكنها خالية من العيوب والمثالب اللتين تسمان وتصمان الحكومة... أي حكومة!

وما دام الأمر كذلك... فلمَ لا يشكل رئيس الوزارة «حكومة ظل» من نواب المعارضة داخل مجلس الأمة ذاته؟! وإذا تعذر تنفيذ كل ما أسلفت ذكره، لم يبق لنا سوى «استيراد» وزراء لا يعملون البتة، خشية وقوعهم في الخطأ أو الخطيئة! وإذا عملوا يحرصون على عدم الوقوع في الزلل خشية قطع رزقهم، وإنهاء عقودهم و«تفنيشهم» وتسفيرهم إلى بلادهم على الطائر «المينون» بجرة «فرمان» حكومي معتبر!

وربما تعهد الحكومة الرشيدة إلى اختراع مصل يُطّعم به الوزراء الجدد ليكون مضاداً للاستجواب! شريطة أن يتم استيراد الطعم عبر مناقصة دولية شفافة، درءاً لئلا يكون الطعم ذاته فاسداً لا سمح الله! ذلك أنه إذا ثبت فساده يغدو الأمر كفساد الملح!

back to top