Ad

النساء اللواتي يبلغ تعداد أصواتهن قرابة المئتي ألف أي بزيادة أربعين ألفاً عن أصوات الرجال، قادرات لو أردن أن يضربن ضربتهن ضربة امرأة واحدة على أن يكتسحن البرلمان، لكنهن لن يعطين أصواتهن في الأغلب للمرشحات النساء ولن يكتسحن حتى كرسياً واحداً.

يمكن للناظر أن يرى وبسهولة أن المرأة الكويتية لا تزال بعيدة جداً عن التواجد فعلياً في الحراك السياسي. لا أقصد على المستوى الإعلامي والفكري، فلدينا مجموعة لا بأس بها من الناشطات على هذا المستوى بصرف النظر عن ركاكة مستوى بعضهن وللأسف، وإنما المقصد على مستوى التأثير الحقيقي في معادلة التفاعلات الجارية على أرض الواقع.

مَن كانوا يظنون بأن إعطاء المرأة حقوقها السياسية كاملة، انتخاباً وترشيحاً، كان سيؤدي إلى تغيير الأحوال السياسية عندنا بمقدار مئة وثمانين درجة، قد اكتشفوا اليوم لا محالة بأن البوصلة لم تنحرف ولو بدرجة واحدة، كما أن مَن ظنوا في دخول المرأة عالم السياسة كارثة شرعية ستودي بنا إلى انفراط سبحة من الفواحش والمنكرات وتناثر حباتها في كل اتجاه، قد رأوا اليوم كيف أن شيئاً من هذا لم يحصل، وأن السماء ظلت زرقاء ولم تتساقط علينا كسفاً، والأرض ظلت ثابتة ولم تنشق لتبتلعنا من عليها، وأن الفواحش بقيت على حالها، ظهر منها ما ظهر، وبطن منها ما بطن!

وأما الناشطات اللواتي كن يعتقدن أن بداية الانطلاقة للنساء في عالم السياسة ستكون مع إعطائهن حقوقهن الانتخابية كاملة غير منقوصة، فقد اكتشفن أنهن كن على خطأ كبير، بل كبير جداً، لذا ومن يأسهن ذهبن ليطالبن بنظام «الكوتا»، أي تحديد نسبة ثابتة للنساء في البرلمان تنالها المرشحات الأكثر أصواتاً بغض النظر عن ترتيبهن في الدوائر بالنسبة للمرشحين الرجال. هذا المقترح، وبطبيعة الحال، لم ترق لأغلب الناس، وبالأخص الرجال!

وبغض النظر عن مسألة «الكوتا»، إلا أنني أعتقد بأن المرأة الكويتية هي بنفسها لا تريد الدخول إلى البرلمان. نعم المشكلة ليست أن الرجل وحتى الآن، لا يريد أن يعطي صوته للمرأة، وإنما أن المرأة نفسها لا تثق بإعطاء صوتها لبنت جنسها، لأسباب عديدة، أغلبها غريب وعجيب بل ومعيب!

سمعت أحدهم، وهو ليس بإنسان سطحي، بأنه حتى إن وجد مرشحة على كفاءة في دائرته فإنه لن يعطيها صوته، لأنه يعلم يقينا بأن المرأة لن تنجح، وهو لا يريد أن يضيع صوته مع الخاسرين. كثير من النساء، بل ربما أكثرهن، يعتنقن هذا المنطق العجيب! إن كنا لن نعطي أصواتنا لأصحاب الكفاءة لمجرد شكنا بقدرتهم على الفوز، ونستمر بالتصويت لمن هو أقرب للفوز بغض النظر عن كفاءته، فكيف يكون التغيير والإصلاح إذن؟!

النساء اللواتي يبلغ تعداد أصواتهن قرابة المئتي ألف أي بزيادة أربعين ألفاً عن أصوات الرجال، قادرات لو أردن أن يضربن ضربتهن ضربة امرأة واحدة على أن يكتسحن البرلمان، لكنهن لن يعطين أصواتهن في الاغلب للمرشحات النساء ولن يكتسحن حتى كرسياً واحداً.

نساء القبائل مبرمجات في الغالب خلف مرشحي القبيلة، ونساء الشيعة مبرمجات في الغالب خلف مرشحي الطائفة، ليبقى الأمل عند النساء الحضر السنة، وهؤلاء لا يملن أيضاً لإعطاء أصواتهن للنساء لأنهن حاسرات سلفاً كما قلنا، وإن فعلن ذلك فهن لا يشكلن إلا نسبة قليلة لن تؤدي إلى إحداث فرق في المعادلة العامة!

وضع النساء بالشكل الحالي للممارسة الانتخابية صعب جداً، كما أن المطالبة بـ«الكوتا» ليست مجدية، لأنها وبكل بساطة ضد رغبة عموم الناس بما فيهم النساء أنفسهن، لذا فالبديل والسبيل الوحيد لوصول النساء إلى البرلمان، وبالذات الكفاءات منهن، هو الدائرة الواحدة وأن تجري الانتخابات بنظام القوائم. أتمنى أن تدرك ناشطاتنا السياسيات ذلك.