القوى الوطنية... أما آن التحرك؟!

نشر في 09-03-2008
آخر تحديث 09-03-2008 | 00:00
 سعد العجمي

باتت الدعوة إلى اجتماع للقوى الوطنية السياسية بتوجهاتها وانتماءاتها المختلفة، أمراً ضرورياً في ظل هذه الأجواء التي تخيم على المشهد السياسي والأمني أيضاً، من أجل التوافق على الخطوط العريضة لمواجهة أي مساس بالحريات، أو أي استهداف للديموقراطية، شرط أن يكون الاجتماع تحت مظلة مَن يملكون التأثير في الشارع.

كنت أعتقد أن القوى السياسية الوطنية قد بلغت من النضج ما يجعلها قادرة على إدراك خطورة الإفرازات والتداعيات السياسية والاجتماعية للحملة الأمنية في قضية «التأبين» التي بدأت تتخذ منحى آخر يوحي بأن لا علاقة لها- أي الحملة- بحادثة التأبين التي هي أساس المشكلة، فإذا ما صحت الأنباء المسرّبة التي تحدثت عن سؤال مَن تم التحقيق معهم حول ردة فعلهم إذا ما اندلعت حرب في المنطقة تكون إيران طرفاً فيها، وكذلك عن نظرتهم لأسرة «آل صباح»، فإن هذا يؤكد أن هناك انزلاقاً خطيراً سيدفع بالجميع نحو مرحلة يكون «التشنج» فيها سيد الموقف، وتكون كلفتها عالية جداً.

لست هنا بصدد الدفاع عن ناصر صرخوه الذي تشهد له مواقفه النيابية يوم أن كان ممثلاً للأمة، ولا عن فاضل صفر الذي سعى «لإناخة» بعارين الفساد في البلدية، ولا عن غيرهم ممن أخضع للتحقيق، لأن أهل الكويت كلهم في نظري شرفاء، ما لم يثبت «القضاء»، لا موزعي «صكوك الوطنية» عكس ذلك، بعد أن تحول الجميع إلى قضاة يصدرون الأحكام بجرة قلم.

للأسف الشديد... فإن أغلبية النواب والسياسيين والكتّاب قد تعاملت مع القضية من منطلق المصلحة الشخصية، لا الوطنية، ناهيك عن مؤسسات المجتمع المدني التي كشفت الأزمة، بما لا يدع مجالاً للشك، أنها تتحرك وفق أجندات سياسية لمصلحة بعض الأطراف، وهو نتاج طبيعي كونها لا تملك قرارها الذي اختطف منها برضاها، وهو ما أوحى إلى السلطة بأن الطريق «سالكٌ» للذهاب بهذه القضية إلى المربع الذي تريد، بما يخدم أهدافها التي تلتقي جميعها عند نقطة «قص أجنحة الديموقراطية».

من هنا فإن القوى السياسية التي لم ترتمِ بعد في أحضان السلطة، مطالبةٌ اليوم بوقفة جادة وحازمة، أمام عملية «الزحف» المنظم التي يقودها بعض الأطراف للانقضاض على القوى الوطنية والكتل النيابية الفاعلة لتفكيكها، عبر الانفراد بها واحدة تلو الأخرى، ففي الأمس التكتل الشعبي، واليوم التحالف الوطني الإسلامي، وغداً مَن يدري؟ فلربما يقع في الفخ صيد أكبر من مجرد «عصفور».

لقد باتت الدعوة إلى اجتماع للقوى الوطنية السياسية بتوجهاتها وانتماءاتها المختلفة، أمراً ضرورياً في ظل هذه الأجواء التي تخيم على المشهدين السياسي والأمني أيضاً، من أجل التوافق على الخطوط العريضة لمواجهة أي مساس بالحريات، أو أي استهداف للديموقراطية، شرط أن يكون الاجتماع تحت مظلة مَن يملكون التأثير في الشارع، ويجيدون لعبة الحشد السياسي والشعبي والإعلامي، كجمعية الخريجين على سبيل المثال أو غيرها من جمعيات النفع العام التي لاتزال تملك الاستقلالية في الموقف والقرار.

كما أن الأمر يتطلب أيضا وقفة حاسمة من «بعض» نواب الأمة، عبر اتخاذ مواقف تواكب أهمية وخطورة المرحلة، حتى لو أدى ذلك إلى خسارة بعض الأصوات الانتخابية بحكم حساسية أزمة التأبين، فالقضية الآن لم تعد قضية من أصاب ومن أخطأ، بل هي مستقبل أمة واستقرار بلد تزاحم أبناؤه تحت أشعة شمس التاسع والعشرين من يونيو الحارقة لانتخابكم، لمثل هذا اليوم ولأجل هذا الموقف.

back to top