عاشت فلسطين حرة عربية!!

نشر في 22-08-2007
آخر تحديث 22-08-2007 | 00:00
 صالح القلاب

لم يبق من جهاد «حماس» سوى مطاردات أعضاء حركة «فتح» وتجريدهم من بنادقهم وأسلحتهم التي أصبحت بين عشية وضحاها وبعد اثنين وأربعين عاماً، من إطلاق الرصاصة الأولى التي كان إطلاقها بداية الثورة الفلسطينية المعاصرة، أسلحة مجرَّمة وخارجة على القانون.

لم يبق في غزة ما «تَتَمرْجَلُ» حركة «حماس» عليه سوى عائلة، أصبحت متنفذة في ظل انفلات الوضع الأمني الذي أحدثته حركة المقاومة الإسلامية تمهيداً لانقلابها العسكري الدامي، هي عائلة «دُغْمُشْ» المسؤولة، كما يقال، عن اختطاف الصحافي البريطاني آلان جونستون وعن مقتل عدد من قادة حركة «فتح» العسكريين والأمنيين من بينهم موسى عرفات الذي كان مديراً لاستخبارات السلطة الوطنية.

ولعل ما يضحك، حتى الاستلقاء على الظهر، أن «حماس»، التي توعَّدتْ بـ«كسر شوكة» العائلات الغَزِّية المتنفذة قد قالت، وهي لاتزال تقول على ألسنة مسؤوليها كلهم ومن بينهم رئيس القوة التنفيذية إسلام شهوان، إنها ستبسط القانون على الجميع في غزة، وإنها ستكسر شوكة العائلات «المـُعرْبدة»... فأي قانون هذا الذي يجري الحديث عنه بعد أن أطاح الانقلاب العسكري الأخير بمحمود عباس (أبو مازن) وسلطته وقوانينه وأصبح القطاع «دوقيِّة» حماسيِّة مستباحة لأجهزة هذه الحركة ولملتحيها الذين معظمهم من المجرمين ونزلاء السجون، كما تقول أوساط حركة «فتح».

إنها حالة «كاريكاتيرية» مضحكة مبكية، فـ«حماس» تقول إنها انقلبت على شرعية السلطة الوطنية وشرعية رئيس السلطة الوطنية محمود عباس (أبو مازن ) من أجل الحفاظ على الشرعية، وهي تقول إن القوة التنفيذية التي توصف الآن بأنها «غوستابو» غزة لا تتصرف ولا تعتقل ولا تسجن ولا تعدم ولا تمارس كسر شوكة العائلات المتنفذة إلا وفقاً للقوانين النافذة وكل ذلك وبينما النائب العام الذي من المفترض المفترض انه حارس القوانين... في فلسطين، وأي فلسطين، لم يسلم من الاعتقال والاستجواب الذي لاشك في أنه ترافق مع بعض اللكمات والزغزغات الأخوية!!

لم يبق من جهاد «حماس» سوى مطاردات أعضاء حركة «فتح» وتجريدهم من بنادقهم وأسلحتهم التي أصبحت بين عشية وضحاها وبعد اثنين وأربعين عاماً، من إطلاق الرصاصة الأولى التي كان إطلاقها بداية الثورة الفلسطينية المعاصرة، أسلحة مجرَّمة وخارجة على القانون، وسوى سعي القــوة التنفيذية، التي غدت مخيفة ومرهوبة الجانب، إلى كسر شوكة العائلات الغزية «المـُعرْبدة».

الصواريخ التي «نشَّفت ريق» محمود عباس (أبو مازن)، ولم تقتل الألوف منها التي أطلقت على مستوطنة «سديروت» نكاية بالسلطة الوطنية وتحجيماً لدورها إلا عجوزاً إسرائيلية في ثمانينيات عمرها وبالسكتة القلبية، اختفت تماماً وغدا مجرد الحديث عنها ولو حديثاً عابراً جريمة لا تغتفر تعاقب عليها القوانين التي غدت نافذة والتي كانت تداس بالأقدام من قبل «المجاهدين» الأشاوس لأنها تستند إلى اتفاقيات أوسلو «الخيانية»!! ولأن كل ما أنجبه الحرام حرامٌ مثله.

الآن والحمدلله، الذي لا يحمد على مكروه سواه، ممنوع التظاهر في غزة إلا بإذن مـُبرَّر مُسْبق من القوة التنفيذية والآن على أسلحة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية والجبهة الديموقراطية وجبهة النضال الشعبي وجبهة التحـرير الفلسطينية، بكل فــروعها وانشقاقاتها، وبالطبع أسلحة «فتح»، أن تختفي تماماً أمام أسلحة القوة التنفيذية... والويل لكل من تسوِّل له نفسه الخروج على القوانين... وعاشت الحريات العامة والمجد والخلود للتعددية الفلسطينية المجيدة ولديموقراطية غابة البنادق!!

فهل هذا فراق ما بعده لقاء... وهل هذا تباعد أبدي بين غزة والضفة الغربية؟!

أبداً... والعياذ بالله فالوطن الفلسطيني واحد موحد، وهو رقم لا يقبل القسمة مادام أن القوة التنفيذية موجودة، ومادام أن حكومة إسماعيل هنية المقالة ترفض الإقالة، ومادام أن الدكتور محمود الزهار يردد يومياً أن الرئيس محمود عباس (أبو مازن) عميلٌ أميركي – إسرائيلي!! ومادام أن المجاهد الأكبر خالد مشعل كثَّر الله خيره المتنقل دائماً بين دمشق وطهران يعرض على الرئيس الفلسطيني، الذي لايزال، يصفهُ بأنه شرعي، حواراً بلا أي شروط مسبقة... وعاشت فلسطين حرة عربية!!

*كاتب وسياسي أردني

back to top