Ad

امرأة هذا العام، ليس في الكويت فقط وإنما في العالم بأسره، يجب أن تكون الدكتورة نورية الصبيح فهذه المعركة التي تخوضها هي معركة نساء الكون كله، وهي معركة المتماشين مع روح العصر ومعركة الذين يحاولون الارتقاء بالمجتمعات العربية والإسلامية إلى المستويات التي تستحقها... إنها معركةٌ ضد قوى الشد العكسي أولئك الذين يتصدون للمسيرة الحضارية بمفاهيم خاطئة.

كثيرون ينشغلون في هذه الأيام، مؤسسات وهيئات وصحف ومجلات ووسائل إعلامية مرئية ومقروءة ومسموعة، بشخصية هذا العام الجديد إن على الصعيد العالمي أو على الصعيد الوطني، أي كل دولة وشخصيتها، وحقيقة أن هناك حيرة بالنسبة لمن يجب أن يكون رجل هذا العام أو امرأته؛ فعلى صعيد العالم كله هناك أسماءٌ كثيرة.. وعلى الصعيد المحلي فإن كلاً يغني على ليلاه ولكل بلد جميلته التي لا يرى غيرها جميلة!!

ستتناقل وسائل الإعلام أسماءً كثيرة، رجالاً ونساء، وكلٌّ سيحاول، حسب المثل البدوي الأردني الشائع، «سحب النار إلى قرصه».. وحقيقة فإنني، كمراقب أتابع الأمور عن بعد ومن الخارج، لو سُئلت عمن أُرشح لتكون «امرأة» هذا العام لقلت بلا تردد ولا تلعثم إنها الدكتورة نورية الصبيح.

فلماذا...؟!

لأنها إذْ تُستهدف كل هذا الإستهداف من قبل تيار معروف في البرلمان الكويتي له إمتداداته الفكرية والسياسية ليس في الوطن العربي فحسب، وإنما في العالم كله، فلأنها «امرأة» تبوأت موقعاً حكومياً رفيعاً ومهمّاً ولأن هؤلاء الذين مثلُهم كثيرون في البرلمانات العـربية، حيث توجد برلمانات، لا يريدون أن تصل سيدة إلى مثل هذا الموقع المهم والسبب أنها «ضلعٌ قاصر»!! ثم ولأنهم يفسرون حديث الرسول صلوات الله عليه: «النساء ناقصات عقل ودين» تفسيراً خاطئاً لا يمكن أن يكون نبي الهدى قد قصده.

إذن، فقضية الدكتورة نورية الصبيح ليست مجـرد قضية وزيرة كويتية ربما تكون أخطأت وربما حـدثت في وزارتها بعض التجاوزات.. إنها قضية صِدَام بين مفهومين؛ مفهوم يصر أصحابه، وبين هؤلاء بعض النساء، على أن المرأة «ضِلعٌ قاصر» وأنها غير مؤهلة لتولي مسؤوليات لا يتولاها إلاَّ من تستطيع العقبان والصقور الوقوف على شواربهم فالأنثى لها خدمة زوجها ولها أن تبادر ركضاً إلى غسيل أقدامه بالصابون المعطر والماء الملائم للطقس، إن حرّاً وإن قراً، عندما يعود إلى المنـزل منهكاً سواءً من العمل والكدح لتأمين الدفاتر والأقلام والحليب لأطفاله أو من السواليف الفاضية و»الهرج» في الدواوين والديوانيات!!

هذا هو المفهوم الأول، أما المفهوم الثاني فهو الذي يستند أصحابه إلى معطيات العصر وإلى أن المرأة قادرة على تبوؤ أهم المواقع حتى بما في ذلك قيادة الجيش ووزارة الدفاع والدليل على هذا أن هناك سيدات مسلمات تبوَّأن منصب رئيس الوزراء في بنغلادش وباكستان وإندونيسيا وأثْبتنّ قدرة فائقة وتحملن مالم يستطع تحمله الرجال وأن هناك مجاهدات في ثورات التحرر، الجزائر وفلسطين، لم يقلُّ عطاؤهن عن عطاء إخوانهن الرجال، بل وقد تجاوزنّ إياه في أحيانٍ كثيرة.

إنه صِدَامٌ حضاري وهذا لا يقتصر على العرب والمسلمين فقط فهناك بعض المجتمعات الضيقة المغلقة حتى في الغرب نفسه تصر على أن المرأة هي مجرد جراب متعة وهناك حتى في اليابان التي تقود العالم من ثورة تقنية إلى ثورة تقنية جديدة مَن لايزال ينظر إلى المرأة من تلك الزاوية البائدة المتخلفة القديمة حيث أن قمة تفوقها هي أن تكون «عَبْدةً» لزوجها وأن تتفنن في خدمته وطاعته في كل ما يريده سواءً أكان معقولاً أو غير معقولٍ ولا مقبول.

لذلك فإن امرأة هذا العام، ليس في الكويت فقط وإنما في العالم بأسره، يجب أن تكون الدكتورة نورية الصبيح فهذه المعركة التي تخوضها هي معركة نساء الكون كله، وهي معركة المتماشين مع روح العصر ومعركة الذين يحاولون الارتقاء بالمجتمعات العربية والإسلامية إلى المستويات التي تستحقها .. إنها معركةٌ ضد قوى الشد العكسي أولئك الذين يتصدون للمسيرة الحضارية بمفاهيم خاطئة.. إن هذه المعركة هي معركة العرب الذين يحاولون الخروج من شرانق الماضي والذين يحاولون الانتقال بهذه الأمة من عصر الحريم والقمع الأُسري المقنَّع بالعادات والتقاليد البالية إلى فضاء القرن الحادي والعشرين ورحابه الواسعة.

*كاتب وسياسي أردني